سليل الملوك، كريم الأصل والنسب.. هو منهم، والأصل تتبعه الفروع.. فمن هذا الأَصْلِ الزَّكِي البَاسِقِ الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل - طيب الله ثراه - جاء هذا الفرع السامق الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز مستلهمًا فروسية جده، حاد الذكاء، وقّاد الذهن، رزقه الله نور الحكمة، وفضيلة الحنكة. فالمتأمل في سيرته ومسيرته لا بد له أن يقرأ الصورة كاملة لأمير تربى في كنف الملوك والأمراء، وأخذ عنهم من الخصال الأكثر والأجمل والأكمل. وكما قال الأولون «لي من سجاياك الكريمة منهل».. فتارة نجد الأمير محمد بن سلمان وكأننا نرى الملك عبد العزيز حاضراً في الشكل والملامح، بدرجة تصل إلى حد التطابق، الذي تجاوز خطوط الملامح إلى تكوين الصفات، التي نجدها في حضوره الطاغي، ونظرته المتأملة الهادئة، وابتسامة الثقة التي تبعث في النفس الراحة والطمأنينة. وإذا نظرت في عمق الصورة وجدت كرماً زائداً في الأمير الشاب، تهب نسائمه من سخاء الملك سعود بن عبد العزيز - رحمه الله -، وتتجلى صورته في الرفق بالضعفاء والمساكين، وعدم رد أي سائل؛ فهو دائم البذل للفقراء بشكل يذكِّرنا بقول الأول «تراه إذا ما جئته متهللا ** كأنك تعطيه الذي أنت سائله». ففعل الشهامة معه أينما حل وارتحل. وللباحثين عن أسرار فيض نخوته وصلابته، ودفاعه الدائم عن قضايا أمته العربية والإسلامية بلا مساومة أو مهادنة، نجد السر في مطالعة سيرة الملك فيصل - رحمه الله -، فمستقبل الأمة وأمنه صورة أخرى في ضمير الأمير محمد، تؤكد احترامه ومحبته للشعوب العربية والإسلامية. وإذا كان عمه الملك خالد قد لُقب بالملك الصالح لحبه للضعفاء، وولعه بالصدقات، والمحافظة على الصلوات، فكذلك الأمير الشاب محمد بن سلمان الحريص على دينه، غير المجامل عندما يتعلق الأمر بمسألة الدين؛ فهو لا يخشى في الله لومة لائم. وعندما نقترب أكثر من قلب الصورة نجد مزيجاً من ألوان الفكر والثقافة والسياسة، آلت إليه من عمه الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله -؛ فأميرنا الشاب كثير القراءة، وواسع الاطلاع، تزخر مكتبته بأمهات الكتب في التاريخ والحضارة والسياسة والفكر والاقتصاد والاجتماع، دائم الاحتفاء بالعلماء، يأنس لحديث المفكرين، ويشجع الباحثين الجادين في كل المجالات. وبإمعان النظر في الصورة نلمس في عمق الروح أثراً ذكياً لنفس طيبة، خيرة، نقية، ورثها عن سلطان الخير، صاحب البسمة البيضاء والروح المُحبة. وفي محراب الأمن والأمان والعدالة الناجزة يطول الحديث، كيف لا؟ وقد استلهم الأمير محمد بن سلمان تلك البصيرة من سجل حافل لا ينضب لشخصية قيادية، قهرت الإرهاب، ورسخت مفهوم الأمن الفكري. خصال استلهمها من الأمير نايف - رحمه الله -، صاحب العين التي ظلت ساهرة على أمن الوطن حتى لاقت ربها وهي تحرس في سبيل الله. ويطول الوصف في هذه اللوحة الفنية النابضة بكل ألوان العزة والشموخ، ولكن لا بد من الإشارة إلى حب الأمير الشاب وتقديره لأسرته الصغيرة وعائلته الكبيرة وشعبه، وهي سمات خير انتقلت إليه عبر ملكين، ضربا أروع النماذج والمواقف خلال مراحل حياتهما، في تجسيد لمفهوم «الجسد الواحد». إنهما ملك الإنسانية الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله وملك الحزم الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله -؛ فقد شهد لهما التاريخ بمواقف نبيلة وعظيمة ورائعة، تُظهر مدى تلاحم الشقيقين؛ ليكونا العقل الواحد، والدرع الحامية للمملكة العربية السعودية. منح الملك عبدالله - رحمه الله - ثقته للأمير الشاب، وأسند إليه مهامَّ كبيرة في الحكم والإدارة، وفى شؤون الديوان الملكي؛ لتسطر كتب التاريخ سيرة قائد شاب، يشق طريقه؛ ليسهم في صياغة التاريخ الإنساني في المنطقة والعالم، ويتولى رسم ملامح عصر جديد بألوان التفاؤل. نهل محمد بن سلمان من معين سلمان الحزم والعزم والحكمة، وتتلمذ على يديه، وفي مدرسته، وتلقى منه الكثير من الخبرات في السياسة والإدارة، والتواضع والبذل والعطاء. سمات صاغت شخصية وفكر الأمير الشاب في فترة التكوين في بيت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان؛ فقد كان بيته ملتقى لشخصيات عالمية، وثقافات متعددة، إضافة إلى مسابقات القراءة التي كان ينظمها بين أبنائه.. إنها طبيعة تربية الملك سلمان لأبنائه.. والحديث هنا يطول ويطول. نشأة الأمير محمد بن سلمان في كنف الملوك والأمراء صفحة في كتاب، سطرت أحرفه بمداد من ذهب، تلتها صفحات برهنت على براعة الأمير الشاب صاحب الرؤية لسعودية جديدة حديثة ومتطورة في عام 2030. رؤية طموحة أجازها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأطلقها بعزم لافت الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. رؤية تؤسس لعمق استراتيجي جديد للمملكة، وتقضي على طموحات وأحلام الأعداء، وتعيدهم إلى جحورهم صاغرين. فهنيئاً لنا بقائد شاب، يمتلك زمام المبادرة وشجاعة القول والفعل، فضلاً عن عقليته المستنيرة الواعية، وإرادته التي ترمي لخير البلاد والعباد. إنه لأمر يبعث في النفس بهجة، ويجعلنا نزهو ثقة بقادم الأيام، ويثبت لنا أن هذه الأرض ستظل منبع الأبطال، ومنبت القادة الأفذاذ، ولا محل للمستحيل على أرضها الطاهرة في ظل وجود حالة إنسانية إبداعية، شاء الله لها أن تأتي في هذا التوقيت؛ لتغير واقع ومستقبل الوطن للأفضل. قائد يمتلك فكرًا يسبق السلطة، وإنجازًا إنسانيًّا يسبق التنفيذ والإدارة؛ فحق لنا أن نفخر بأمير الشباب. ** **