يتفق معه المختلفون لثباته.. ويتوافق بشأنه المتخالفون لإثباته.. رائد من رواد الأدب الإسلامي.. ووجيه من وجهاء النقد الموضوعي.. وواجهة بشرية تصدت للمتغيرات بعبقرية مذهلة جمعت الأصالة والمعاصرة.. إنه الأكاديمي والناقد والأديب الدكتور حسن الهويمل أحد أبرز المثقفين والأدباء والمفكرين السعوديين. بوجه سكنته علامات «المشيب» مفعم بالإنصات والسمت مسكون بالطمأنينة والحسنى تعلوه تباشير وتهاليل سرور مستديم.. وطلة بهية وقورة.. ولحية مشذبة أكملها اللون الأبيض بهاء تتكامل على محيا مألوف مع هندام يعلوه شماغ مسدول بأناقة «ثابتة» و»عينان» تكتظان بالحنكة وكاريزما تشع بالثقافة والحصافة.. مع صوت جهوري تتوارد منه لهجة خليطة بين القصيمية والنجدية المؤطرة بالفصحى في الحياة الاجتماعية ومفردات عربية أصيلة وكأنها «نص مكتوب» في محافل الأدب ومنصات المعرفة ومواقع العمل. أمضى الهويمل من عمره ستة عقود وهو يؤسس لمفاهيم الأدب الإسلامي ويواجه «العامية» ويبلور النقد. في بريدة ولد الهويمل وسط مجتمع محافظ وبين أسرة علمته «ماهية» التربية في السلوك والمسالك وأتحفته بمزايا المحاسن سراً وعلانية. فتربى في كنف أب أشبعه بدروس الكفاح وأم كريمة ألبسته وشاح النبل باكراً وإخوة كانوا يتنافسون في الرضا ويتسابقون في الفضل أمام حيادية مثلى كانت عنوان الموعظة والنصح.فركض في أحياء القصيم مسكوناً بلحن «الآيات القرآنية» التي كانت تأهيلاً فطرياً يمطر أسماعه ويعتمر داخله. مراقباً لأصوات الفلاح في تراتيل القراء في كتاتيب قريته مترقباً لجموع العلماء وهم ينشدون العلم من مشايخ بلدته. متأبطا حقيبته الصغيرة التي كان يجمع فيها قصاصات «المجلات» وقصص «التحديات» فجال بين أقرانه مخطوفاً إلى حقول الرس ونقاء المزارعين فيها مشفوعاً بفضول أسئلة احتلت وجدانه عن حديث العمر ووميض الغد في أمنيات اعتمرت عقله الصغير كان يفصلها كحكايات مجتمعة في حضرة والديه قبل منامه.. أقام الهويمل لذاته صرحاً من «الثبات» مدافعاً عن «اللغة الفصحي» مترافعا عن «موجهات» التراث الثقافي وسط وسطية مبهرة شكلت شخصيته وأخذت من «الالتزام» المغنم ومن «التدين» الغنيمة فخطت حدود ثباته بقلم أخضر يبهج الآخرين رغماً عن الخطوط الحمراء المتعارضة ففصل رداء القضايا والنقاش ما بين الإبداع والإمتاع والإقناع.. ومضى يراقب المختلفين بابتسامة «الواثق» ويقنع المعارضين بأريحية «الموثق». أنهى الهويمل تعليمه العام في بريدة ثم نال ليسانس اللغة العربية من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1387ه وأكمل برنامج الإدارة العامة من معهد الإدارة العامة 1391ه ودبلوم الدراسات العليا في التربية وعلم النفس من كلية التربية جامعة الملك سعود عام 1394 ه ثم نال الماجستير في الأدب والنقد من جامعة الأزهر بجمهورية مصر العربية عام 1395 ه وحصل على الدكتوراه في الأدب العربي الحديث من جامعة الإمام محمد بن سعود عام 1404ه. عمل مدرساً ابتدائياً، ثم محاسباً فاختصاصياً اجتماعياً، ثم مديراً لدار التربية الاجتماعية ببريدة، فمديراً لمكتب الضمان الاجتماعي ببريدة حتى عام 1390ه ثم مدرساً في المرحلة المتوسطة والثانوية حتى عام 1404ه ثم عمل أستاذاً للأدب الحديث بجامعة الإمام فرع القصيم حتى أحيل إلى التقاعد في 1420ه ثم أستاذاً غير متفرغ بالجامعة تم تكريمه بمنحه وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى عام 2007م. ناقش الهويمل عدداً من الرسائل العلمية (الدكتوراه، والماجستير). وأشرف على عدد من الرسائل العلمية (الدكتوراه). تولى رئاسة مجلس إدارة نادي القصيم الأدبي من عام 1400ه وله عشرات العضويات في عدة مجالس وهيئات والمؤسسات والجمعيات وأثرى الصحافة السعودية بالكتابة الأسبوعية في عدة صحف ومارس العمل الصحفي والإذاعي والتلفزيوني، وشارك في عدد من المؤتمرات الأدبية والندوات داخل المملكة وخارجها. ونشرت له دراسات نقدية في مختلف المجلات المحلية. كرمته بعض المؤسسات الثقافية والمنتديات والصالونات الأدبية وحاضر فيها ومثل المملكة في عدة مؤتمرات وأنشطة وله أكثر من 13 مؤلفاً في الأدب والثقافة والنقد حاتم في الفكر والأدب والثقافة والعلوم. استعان الهويمل بعدسة «فكرة» وتمعن من خلال مجهر «خبرته» ليوظف «النقد» في ميزان «الحوار» ويستشف الاختلاف وسط توازن الرأي مرضخاً الاعتراض لتوليفة من الأفكار جعلته صديقاً للكل ورفيقاً للجميع.. واضعاً منهجاً أنيقاً من سيكولوجية الثقافة وأدبيات «الاختلاف». لا يزال الهويمل يمارس ركضه في ميادين «السمو المعرفي» و»العلو الأدبي» بمنهجية موضوعية وروح أدبية تاركاً سيرته حديثاً ومسيرته حدثاً على صفحات الوطن.