تحت رفّ الكتب الأكثر مبيعًا أغلفة ظاهرها البهرجة وباطنها الهرطقة، ذُيّلت بثمن يكفي لشراء عدد من أُمّهات الكتب التي تبني وتُعلّم وتُنشئ! الذين رحل بعض أصحابها وتركوا إرثًا عظيمًا لا يُقدّر بثمن. مثل: كتب مصطفى محمود التي قد يصل ثمنها إلى عشرة ريالات!! صفحات معدودة تجعلك تتفكّر في كلّ مجريات الحياة، تجعلك تُدرك ثمّ تغلق الكتاب وأنتَ غير الشخص الذي كنتَ عليه قبل أن تشرع بالقراءة! وترى ذلك الإنسان في حيّز آخر غير ذي ترقّب لسؤال الناس و(فلاشاتهم)، لا يحبذ الظهور لأجل الظهور فقط! تشعر أن لوجوده ما يضطرّك لمعرفة السبب لأنّه وبكل وضوح هناك سبب حقيقي يعود عليك بالمعرفة الجمّة، وليس ظهورًا من أجل (الجمهرة)! ولو التفتنا قليلاً لأحوال معارض الكُتب في الخليج لانتابك الأسف على ما صارَت إليه الثقافة ومن يدّعي بأن الثقافة هي إصدار كتاب ذي صفحات شِبه خالية يستعرض فيها قدراته «السجعيّة» ويخلط فيها الشعر بالنثر، والقصة بالرواية ويريد لها تصنيفًا لا وجود له. للوهلة الأولى كنتُ سعيدة جدًا للجوء شبابنا للكتاب، كنتُ أراها نقلة تستحق الدعم والتشجيع، كنتُ أنتقد المُنتقدين الذين لا يرون الجانب الإيجابي في ميل هذا الشباب لحُب الكتاب والرغبة في تأليفه. ولكن بعد مرور السنوات أصبح حال الكتاب يستحق الرثاء! صرتُ أخشى على الجيل القادم الذي لن يسمع عن العقّاد والمنفلوطي والطنطاوي. سيجد أحاديث لا عائد منها وُضعت بين دفتيّ كتاب! -عزيزي الكاتب الذي يكتب ولا يُكلّف نفسه عناء القراءة: لا تأخذكَ العزّة بالإثم، ولا تعتقد نفسك «أنيس زمانك» أو أنّك «منفلوطيّ اللغة، طنطاوي الفكر» وإن كنت ترى بأن الكتاب تجارة ستجعل منك «بيل جيتسًا صغيرًا» فعقلك هنا أصغر من أن يكون قادرًا على كتابة ما يستحق أن يُقرأ. قد قلتُ يومًا: (القراءة طريقكَ للحياة أولاً وللكتابة ثانيًا) فاقتبس عقل المفكّر وفكّر بتلك الجملة واقرأ كثيرًا لتكتب.