بعد انتقالها إلى المنزل الجديد، وفيما هي تُفرّغُ بقيّة الصناديق وقعت عينُها على (رسالة الذّل) كما كانت تُسميها. تلك الرسالة التي كانت كفيلة بأنْ تُغيَّر مجرى قلبها؛ ليصُبَّ في عقلها مباشرة من بعد ذلك التاريخ. ترددتْ في فتحها كثيرًا.. ليس أصعب من أن تُعيد مشهدًا بغيضًا, يُعرّيك أمام نفسك, بعد أن بذلت الكثير؛ لتنساه. تشاغلت عن التفكير في الأمر, وبدأت تُقلّب بقيّة الصناديق, ثم التفتتْ مرة أخرى للورقة. أمسكت بها, وبقلبٍ يخفق هلعًا.. جزعًا.. ذلًا.. ! تشجّعت, وهي تمتص الهواء, كمن يشمّ وردة, وتزفره, كمن يُطفئ شمعة. هكذا كانتْ تفعل كُلّما أرادت أن تتخلص من توترها. فتحتها, وبدأتْ تقرأ بقلب وجِل: أنا المرأة العاصفة التي طالما خشيتها. أقفُ أمامك الآن، وأنا بكامل قواي العاطفية؛ لأخبرك: كم أنا مهزومة، وأحتاج إليك. أقضي وقتي من بعدك بالتمدد .. هاأنا أتمدد.. وأتمدد... وأتمدد! إلى أن ارتطم بفيض الأسئلة, التي تضطرني أن أتوارى عنها وراء ضعفي. التفاصيل التي تضخ نفسها في ذاكرتي, تحيلني إلى سجن مأهول بك. أحاول أن أُعيد صياغة نفسي؛ لأناسبني من جديد ولا أفلح! أنا المرأة العاصفة التي طالما خشيتها! أخبرك وأنا بكامل قواي العاطفية: إنني توقفت عن السير بعدك. وحدك كنت تُميط الأذى عن طريقي. وتمنحُني كلّ فرص المضي. وهبتني أجنحة التحليق، خارج فوضاي. رتبتني.. هذبتني.. علمتني كم أنت مذهلٌ ومُحيّر! أنا المرأة العاصفة التي طالما خشيتها. أقول لك, وأنا بكامل قواي العاطفيّة: عدّ. فأنا لا أصلح لشيء بدونك. ا. ه قصاصة أُخرى عالقة بها, وبتاريخ مغاير: «صباح الخير أيّها الغاضب رغم اغضابه لي: أحارُ؛كيف أُحرِر حُبيّ لكَ من غضبي عليك! وأنا التي لا تعرفُ كيف تَفْصِلُ بين هذين الشُّعورينِ إلّا بعد أنْ تُفجِّرَ سخطَها في وجهِك، ومهما كانتْ ردة فعلك أسامحُك وأندمُ، وربما أعتذر أيضًا!» ا.ه قصاصة ثالثة.. ورابعة.. وعاشرة. وقعت عينها عليها, لكنها اكتفت! أنهتْ الرسالتين هذه المرة دون أنْ يتفجّر صدرها بالحنين. هي الآن لا تشعر بأيّ شعور قرأته هنا. هل شُفيتُ منه تمامًا؟ ربما شُفيت! لكن ليس تمامًا! بقي أنْ أسْخرَ من هذه الجراح, حتى أتأكد من أنّ حُمّاها لن تُصيبني من جديد. ألم يقولوا: «نحن لا نُشفى من جراحنا تمامًا, إلا عندما نسخر منها؟» جربت.. هه! ههه!! اعتصرت ملامحها. ثم أجهشت بالبكاء وهي تردد: ليس بعد!.. ليس بعد!