نَعت محافظة المجمعة بكافة طبقاتها واحداً من رِجالات الفِكر والثقافة, ذلك هو الأستاذ عبدالله بن حمد الحقيل (رحمه الله), أحد أبرز الأُدباء الذي خَدم الأدب والثقافة في بلادنا العزيزة, فكان لوفاته رنة حُزنٍ عميقة, خيّمت بظلالها على ربوع المجمعة وساكنيها, وتركت أثراً في نفوس كافة الأوساط الأدبية والفكرية جرّاء هذا الخطب الجلل, فالفقيد يتمتعُ بروحٍ أخلاقية فاضلة, وطِيب مَعشر, وعِفة ِلسان, وتواضعٌ جمّ, إذ جَمع من الخِصال الحميدة ما جعله يتبوأ مكانةً عالية لدى مجتمعه ومواطنيه كرمز من رموز المعرفة والأدب والثقافة, فهو كاتبٌ وأديب, ومؤرخ يُشار إليه بالبنان, مع كونه رحّالةً جاب مُعظم الديار في كثير من بلاد العالم, له جهودٌ جبارة يستعصي عليّ سَردها والإحاطة بها في هذه العجالة. في التأليف والنشر تشهد له بذلك مؤلفاته العديدة والمتنوعة, والتي أثرت الساحة الأدبية من صُنوف المعارف والعلوم, كما أن له خِصالاً حميدة تمثلت في عشقه لموطنه ومسقط رأسه المجمعة, إذ كان لا يغفل عنها بالزيارة بين الحين والآخر, حيث لن تجد ندوة أو لقاء يتعلق بالحركة الأدبية في المجمعة إلا وهو على رأس الحضور, لُيسهِم في تغذية الموضوعات التي تُطرح بأفكاره النيّرة. هذا عدا حرصه على حضور المناسبات العائلية التي لا يتأخر عنها إطلاقاً مهما كانت ظروفه, وذلك لحرصه على جمع شتات الأسرة والتقارب العائلي. فالمجمعة التي أنجبت هذه الشخصية الذي عاش وترعرع في كَنفها, وتعلم في مدرستها السعودية الوحيدة إذ ذاك في المجمعة أولى مراحله الدراسية لهي أنموذج حي لاحتضان الأفذاذ من الرجال. كما كان رحمه الله زميلاً لي في هذه المدرسة, فكان نِعم هو الزميل, ونِعم هو الرفيق. وإن رجلاً كهذا, الجدير بأن يتغلغل حبها في قلبه كغريزةٌ ُيجبل عليها الإنسان في حبه لموطنه الذي وُِلد فيه, لذلك نراه يُطنِب في ذِكرها بمؤلفاته, ويُشيد بأُدبائها, وشُعرائها, ويُسهب في ذِكر مُنجزاتها الحضارية التي تشهدها في جميع المجالات, وما حظيت به من تقدم ورقي كغيرها من المحافظات الأخرى. غفر الله لفقيدنا الأستاذ عبدالله بن حمد الحقيل, وأسكنه فسيح جناته, وجَبر كسرُ أسرته, وأغدق عليهم جميل الصبر وُحسن العزاء, و {إنا لله وإنا إليه راجعون}. ** **