أهَّل الإرث الحضاري والتاريخي الذي تحظى به منطقة حائل لدخولها قائمة اليونسكو. ويعتبر موقعا جبة وراطا والمنجور ( الشويمس ) في منطقة حائل من أهم وأكبر المواقع الأثرية في المملكة التي يعود تاريخها إلى أكثر من 10 آلاف سنة قبل الميلاد، وهما رابع المواقع الأثرية التي تم إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو. جبة .. النفود والقوافل من المواقع القديمة المهمة في المنطقة مدينة جبة حيث يقع حوض جبة علي مسافة تتراوح ما بين 60 - 80 كم داخل النفود وتقع على طريق القوافل القديم ، ويعتبر أول تقرير كتب عن آثار جبة تقارير بلونت الذي زارها عام 1881م ويوتنج الذي زارها بعده بأربعة أعوام، وأخيراً بعثتي ونيت وريد سنة 1967م - 1973م وما أسفرت عنه من نتائج طيبة في دارسة النقوش والرسوم الصخرية، وتشكل البروزات من الحجر الرملي والسلسة المتصلة من الهضاب التي تحتوي على كثير من الملاجئ الصخرية الطبيعية الينابيع الناضبة وبجوارها بحيرة جافة، تشكل مركزاً لكيان حضاري كبير كان قائما في المنطقة. وكان يحيط بجبة بحيرة كبيرة جفت الآن. وتوحي ترسباتها الجبسية الضخمة أنها كانت أكبر مما توحي إليه الآن حيث ينتشر بها قواقع مائية من المحتمل أنها تعود للعصر البلستوسيني وتشاهد بوضوح طبيعة التربة الخصبة البيضاء التي تغطي مدينة حبة اليوم . وقد عثر في جبة على شواهد لفترات كبرى من الاستيطان البشري وهي : 1 - مرحلة العصر الحجري القديم والوسيط عثر عليها على محاجر . 2 - مرحلة شهدت نهاية العصر الحجري الحديث وبداية العصر النحاسي وعثر فيها على رؤوس سهام وشفرات ومخارز ومكاشط مصقولة وذلك عن طريق الإدارة العامة للآثار والمتاحف بوزارة المعارف . 3 - مرحلة الثموديين والعرب مع أن الدليل الوحيد على قيام استيطان دائم في المنطقة وجد في تلك المرحلة وعلى قمة جبل أم سنمان. حيث انتشر فيها فن النقش الصخري وهي تعود إلى الفترة ما بين 1500 - 2500 قبل الميلاد وتتميز هذه المرحة برسوم الجمال والجياد والوعل والماعز والبقر. وأشكال آدمية بنمط العصا التي رسمت أحياناً راكبة الجمال والخيول وكذلك رسوم شجرة النخيل . ويمكن تقسيم تلك المرحلة إلى ثلاث فترات وهي : 1 - القترة الثمودية المبكرة وما قبلها حيث توحي رسوم الأبقار والجياد بوجود ظروف مناخية طيبة آنذاك بخلاف الوقت الحالي، كما أن استعمال القوس وصيد الكلاب يسير إلى الفترة الرئيسية أي العصر المزولتي أحد فترات العصر الحجري الوسيط النمط المبكر المميز لمنطقة آثار جبة، وهو الذي تتميز نقوش بالعديد من الأبقار طويلة وقصيرة القرون. ويتميز فن جبة باحتوائه على رسوم حيوانية وبشرية ضخمة بالحجم الكامل والنقوش المنفذة بطريقة نحت الأجزاء المحيطة بالشكل لإبرازه أو بطريقة النق العميق الواسع ونحت الصخر بالأزاميل، ويبدو من ذلك أن هؤلاء الفنانين يريدون أن يمنحوا أعمالهم شيئا من الديمومة. وعلى مر تلك السنين لا زالت هذه الأعمال بحالة ممتازة ويبدو من تلك الرسوم للأبقار والخيول حيث تخترقها السهام أنها كانت حيوانات غير أليفة آنذاك.. وإلى فن نقش الأشكال البشرية نشاهد في الموقع رسم لإنسان في شكل جانبي تحت الوسط وبوجه كامل فوقه الأذرع رفيعة تكشف عن تفاصيل دقيقة للملبس، ومن نقوش تلك المرحلة الأبقار - الجواد - الوعل - القطط - والنمور وكلاب الصيد . 2 - الفترة الثمودية النبطية 1500 - 2500 قبل الميلاد، وقد عكست تلك المرحلة عن نشاط فني مزدهر في جبة ويعتبر الجمل أكثر الأشكال المرسومة تميزاً حيث رسم في درجات متفاوتة من حيث الحجم. ومن نقوش تلك المرحلة الوعل - الماعز - لأغنام - الغزال وأشكال آدمية بنمط العصي التي رسمت أحياناً راكبة الجمال والخيول. 3 - فترة العصور المتأخرة أو الحديثة. النقوش الصخرية العربية تنتشر بموقع جبة بشكل واسع في حين أن الفنون المصاحبة لها أقل شيوعاً، فالشكل لراكبي الجواد أو الجمل يبدوا أنها ترجع لعهد الثموديين المتأخرة، وعلى سبيل المثال لتلك المرحلة يوجد عجل بسيط يجره جوادان وقد نقش بمنظور النظر إليه من الأعلى ويعتبر من النماذج الأكثر حداثة خلال الفترة الثمودية . ولا شك أن تلك النقوش والرسومات المنتشرة في مدينة جبة وبشكل واسع تعطي بصور أن هناك استيطانا وسكنا في تلك المنطقة ذات يوم من الأيام وأن لها قيمتها الفنية والتاريخية عند القيام بإجراء التنقيبات الأثرية في المدينة لدراستها بشكل واسع وذلك لوضع تقويم زمني متكامل لها . ثانيا - ياطب موقع أثري يقع شرق حائل على بعد حوالي 30 كم، وترجع أهميته إلى أنه من أهم الأماكن الثمودية حيث يعود للألف الثالث ق.م ويوجد به عدد كبير من الكتابات الثمودية والرسوم المخزوزة على الصخور مع بعض بقايا معمارية مجاورة التي تمثل مخلفات قرية قديمة، ومن الرسوم الثمودية ( نخيل - جمال - أسود). ثالثا - جانين جبل كبير يقع شمال شرق حائل ويبعد عنها حوالي 60 كم ويتميز بوجود كهف طبيعي بطول 100 م تقريباً وبه كثير من الكتابات الثمودية والحبشية القديمة والرسوم الآدمية والحيوانية، وهي تشبه إلى حد كبير رسومات جبل ياطب. الموقع يضم أنماطا أثرية ثرية بالمعلومات ويستحق كل الاهتمام من قبل الإدارة العامة للآثار. رابعا - جبل حبشي يقع بالقرب من قرية العظيم وهو ذو أهمية أثرية كبيرة من حيث مخلفاتها وأطلالها مثل أساسات المباني والدوائر الحجرية والأبراج والمقابر التي يمكن إرجاعها على وجه التقريب إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد، هذا وقد عثرت إدارة الآثار عام 1387ه في الموقع على بعض السيوف والشلف. خامسا - الماوية موقع يعود إلى العصر الثمودي عثر فيه على بعض المدافن الحجرية الأثرية حول الأماكن التي تمر بها القوافل التجارية الثمودية ويبلغ عددها تسع مقابر وعثر أيضاً على كتابات ثمودية. سادسا - توارن تقع قرية توارن شمال غرب حائل على بعد 55 كم بوسط وادي يعرف بوادي توارن، وفي مدخل الوادي يوجد آثار حصن لا تزال باقية إلى اليوم ومن المحتمل أن يكون قصرا لحاتم الطائي حسب ما تناقله الناس، إلا أن آخرين يعتقدون أن القصر لشخص يدعى ( زميل ). وفي وسط القرية يوجد قصر من الطين وهو خرب الآن وبالقرب منه توجد مقبرة صغيرة تحتوي على قبرين مفرط في طولهما يعتقد أهالي القرية أن أحدهما قبر حاتم الطائي . قطعاً هذا ليس كل شيء عن المواقع الأثرية القديمة بالمنطقة.. فهو قليل من كثير.. إذ لا تزال هنالك العديد من المواقع التي يصعب علينا ذكرها الآن لمحدودية البحث، حيث يصل عددها إلى أكثر من عشرين موقعاً قديماً تضم دوائر حجرية وتلالا أثرية. ولا شك أن إجراء المسح الشامل لهذه المواقع وعمل التنقيبات الأثرية من قبل المختصين سيجعل لها شأناً في التأريخ شأنها في ذلك شأن أرجاء مملكتنا الحبيبة.. ولا تزال هنالك العديد من الآثار التي ظلت مطمورة في مواقعها دون أن تطالها يد التنقيب . يقع الحويط في سفح حرة خيبر الشرقي جنوب الحائط وتبعد الحويط عن حائل 280 كم جنوب غرب، وهي منطقة مليئة بأحجار الصوان وهو من أقدم المواقع المعروفة قبل الإسلام . حيث يعرف قديما باسم ( يدبع ) وهو موقع أثري يعود إلى فترتين فترة سابقة للإسلام وتمثلها الرسومات والكتابات الثمودية المنتشرة على أحجار الصوان وفترة إسلامية وتمثلها ما يحويه الموقع من أساسات مباني متهدمة عثر على كتابات كوفية واضحة، وعثر أيضاً على شواهد قبور تحمل نصوصا بالخط الكوفي وأمكن إرجاع تأريخ الموقع إلى الفترة المتأخرة السابقة على الإسلام وأوائل العصر الإسلامي المبكر . ويقول حمد الجاسر في كتابه المعجم الجغرافي انه شاهد كتابات إسلامية كوفية منها ما هو مؤرخ في 114ه وشاهد على صخرة بين القرية وبين حدائق النخيل قبل القرية القديمة كتابة هذا نصها : بادر زمانك قبل وقت رحيله وأعمل ليومك يا ( أخا ) الإسراف فكأن يومك قد أتاك بغصة فأزال عنك لذيذ عيش صاف وكتب محمد بن يعقوب يوم الأربعاء لسبع بقين من ( شعبن) شعبان سنة (تسع وثلثماية). والكتابة كوفية جميلة واضحة مهملة من الإعجام، فأعجمها الشيخ حمد الجاسر وشكلها وأكمل نقص البيت الأول ( أخا ) . 2 - الحائط ( فدك ) وادي ذو نخل وعيون يعرف الآن باسم ( الحائط ) ويبعد عن حائل 250 كم جنوب غرب . وفي الحائط آثار كثيرة من أبنية ومقابر وحصون. وقد ورد اسم فدك بين المدن التي احتلها الملك البابلي نيوبند الذي حكم في القرن السادس قبل الميلاد (556 - 539ق.م) وتضم أيضاً قلاعا وحصونا مشيدة بالأحجار السوداء المأخوذة من المنطقة والتي لا تزال بعضها قائمة وبحالة جيدة، وفترة إسلامية في الموقع نفسه وقد عثر على كتابات كوفية على الصخور المنتشرة.