الفصل الثاني: السمات المميزة في الدراسات الصوتية يسعى أستاذنا في هذا الفصل للجواب عن سؤال مهم هو»أيعتبر الصوت اللغوي وحدة لا تتجزأ أم يعتبر مجموعة من السمات أو الخصائص؟»، أي أَوَحدة لا تتجزأ الصوت اللغوي أم مجموعة سمات وخصائص؟ وفي الإجابة مهد بذكر أنواع الأصوات الصحاح والعلل [الحركات والمدود] وأشباه العلل (الياء والواو)، ثم استعرض مخارج الأصوات فقسمها خمسة أقسام: الشفوية، والأسنانية، والغارية، والطبقية، والحنجرية. وذكر للأصوات سمات مميزة هي:(الاحتجاز) أي منع اندفاع الهواء، و(المقطعية) أي كونها قمة المقطع، فسمة الصحاح [+محتجز، -مقطعي]، والعلل [-محتجز، +مقطعي]، وأشباه العلل [-محتجز، -مقطعي]، و(التقدم) أي خروجها في مقدمة الفم، و(الأمامية) أي مشاركة الجزء الأمامي من اللسان في نطقها، و(الانخفاض) أي انخفاض مؤخرة اللسان عند نطقها، و(الجهر) أي مصاحبة نطق الصوت ذبذبة الوترين الصوتيين، و(الاستمرار) وهو تسرب الهواء عبر حواجز الصوت، و(الأنفية) وهو تسرب الهواء من الأنف، و(الإطباق) وهو ارتفاع مؤخر اللسان مع نطقها، و(الصفير) وهو حدوث صفير مع نطقها، و(الجانبية) وهو تجاوز الهواء مخرجه من جانب الفم، و(التكرار) وهو تكرر قرع طرف اللسان اللثة. وثمة سمات زائدة كالرنين والميوعة. ويخلص إلى أن الصوت مجموعة من السمات يختلف بها عن غيره من الأصوات، وقد لا يحتاج إلى ذكر جميع السمات لتمييز الصوت. وخص العلل بوقفة درس فيها السمات الأصلية والمكتسبة، فالأصلية هي (الأمامية) فالكسرة أمامية لأن مخرجها بين الحنك والجزء الأمامي من اللسان، والضمة غير أمامية لأن مخرجها من بين الحنك والجزء الخلفي من اللسان، و(الارتفاع) فالكسرة والضمة مرتفعتان أي يرتفع معهما اللسان نحو الحنك خلافًا للفتحة. و(الطول) فالعلل الطويلة هي المدود فياء المد في (عليم) ناتجة عن كسرة وياء (عَلِيْم؛ إذ تحولت الياء إلى كسرة أيضًا وتكون من الكسرتين كسرة طويلة (ع َ ل ِ ي م ) ع َ ل ِ ِ م)، غير أن هذه الياء لا تماثل الضمة إن لحقتها شبه علة أخرى بل تدغمان مثل علِيّ (ع َ ل ِ ي و) ع َ ل ِ ي ي= علِيّ) . وأما السمات المكتسبة المؤقتة فهو ما يهبه مجاورتها أصوات صحيحة، كالإطباق فالفتحة مطبقة في (صَيف) لإطباق الصاد، ولكنها غير مطبقة في (سَيف)، والألف مطبقة في (طاب) لإطباق الطاء؛ ولكنها غير مطبقة في (تاب)، وكالأنفية فالفتحة أنفية في (يَنسى)؛ ولكنها غير أنفية في (يسعى)، وتظهر الأنفية في الحروف المدغمة فيها النون بغنة، وهي (و،ي،ن،م) بخلاف (ل،ر). وحق أن يبين مسوغات استعمال السمات المميزة لا الحروف، فذهب إلى أن للفونولوجيا التوليدية التي اتخذت السمات وطورتها لها أسباب وأهداف؛ فليست السمات مجرد معلومات أعيدت صياغتها بل هي سمات الصوت الذي هو مؤلف منها، وأهمية ذلك تظهر في حاجة التحليل اللغوي إلى ذلك، فالصوتان مختلفان باختلاف سماتهما أو بعضها، ويتماثلان بتماثل سماتهما، ولذلك تميز السمات بدقة طبيعة التغير اللغوي وتحدد سببه وإلى أي حد هو طبيعي أنادر هو أم شائع؟ وتمكن من ضم القواعد المتشابهة في قاعدة واحدة، وتبين أعامة القاعدة أم فردية، مثال ذلك: ن) م/-ب أي النون تصبح ميمًا قبل الباء، مثل ينبغي ذنب، وليس التغير واضحًا ولا بيان لسببه. ولكن بطريقة السمات: [+أنفي؛ -شفوي]) [+شفوي]/-[+شفوي] أي الصوت الأنفي غير الشفتي (ن) يصبح شفويًّا (م) إن وقع قبل صوت شفوي (ب،م) ونجد القاعدة الفردية أسهل من القاعدة العامة إن صيغت بالحروف ولكنها إن صيغت بالسمات صارت القاعدة العامة أسهل من الفردية: مثال القاعدة الفردية: ن) ن / - ك وهي بالسمات: [+أنفي]) [+طبقي]/ - [+ طبقي؛ -مجهور؛ -مستمرّ] وأما مثال القاعدة الكلية: ن) ن / - {ك؛ ك (1)؛ خ؛ غ} وهي بالسمات: [+أنفي]) [+طبقي]/ - [+ طبقي] والقاعدة العامة أجدى من القواعد الفردية ولذلك الصياغة بالسمات أولى. وختم أستاذنا بأن اللغوي غير ملزم باستعمال السمات دائمًا فله استعمال الحروف إن عدّ ذلك الرمز اختصارًا للسمات. ... ... ... (1) جعل أستاذنا هذا الرمز للقاف المجهورة التي تنطق كالجيم القاهرية، وهي التي يسميها الصاعدي القيف. وهي القاف التي وصفها سيبويه في كتابه وهي سامية ما زالت مستعملة في الجزيرة.