هل مررت عزيزي القارئ يوماً ما عند مراجعتك لإنجاز خدمة حياتية بموقف اضطررت فيه وأنت غاضب أو محبط لطلب مقابلة المدير المسؤول في الإدارة لتشكو له معاناتك من سوء الإجراءات والتعامل في إدارته؟ قد تكون إجابة البعض، كثيراً، والبعض الآخر، قليلاً، وقد تأتي إجابة البعض مغايرة لما سبق «الحمد لله لم تواجهني مثل هذه الإشكالية»، لماذا تختلف الإجابات بين الناس؟، لا شك أن لكل منهم أسبابه، بعضهم قد تكون معاملته أخذت وقتاً وجهداً كثرت فيه مراجعاته وتحويله من جهة لأخرى، وبعضهم قد يكون بذل جهداً ومالاً ووقتاً، ومع ذلك لم تنجز معاملته كالمتوقع، وبعضهم سارت أموره سيراً طبيعياً. الخدمات الحياتية جزء لا يتجزأ من حياتنا المعيشية ويأتي في مقدّمتها الصحة، التعليم، السكن، الوظيفة... إلخ. لماذا كل هذه الاختلافات والتعثر في إنجاز المعاملات الحياتية؟ قد يقول قائل الخدمات تختلف بحسب نوعيتها وأهميتها في حياتنا، مهما كانت أوجه الاختلاف إلا أنها تلتقي في أنها خدمات ضرورية وتشغل جزءاً من حياتنا المعيشية. قد يعزو البعض أسباب التعثر في تقديم الخدمات لفشل الإدارات والقائمين عليها، وعند السؤال عن نوعية الفشل المقصود يأتي الرد بأن إجراءات سير المعاملات عقيم. بعض الموظفين لا يمتلكون صلاحيات تدخل في صميم مهامهم، ويتفننون في تكرار عبارة، راجعنا بعد كم يوم، والكم يوم قد يطول مداها الزمني، وعند الانزعاج من تكرار المراجعة يبرّر الموظف تأجيله بأن المسؤول في إجازة أو معظم وقته يكون مشغولاً في اجتماعات داخل الوزارة أو خارجها، وقد يتعذّر البعض بأن النظام الإلكتروني معطل وقيد الإصلاح، والبعض يشكو من تعامل موظفي خدمة الجمهور الذين تنقصهم اللباقة في الرد وحُسن التعامل وينتهي الأمر بالقول: هناك مسؤول صاحب قرار، وآخر لا يفقه في الإدارة أبسط أمورها فتسود الفوضى والعشوائية، أي بالعامية «ما يدري وين الله حاطه». وللحد من شيوع الإدارات المعطلة لمعاملات المراجعين، يجب ألا يستهان بالمناصب الإدارية وشغلها بأشخاص دون أي اعتبار لمؤهلاتهم وخبراتهم ومهاراتهم الإدارية اللازمة وعليه من الأهمية وضع الشخص المناسب في المكان المناسب لبلوغ النجاح المنشود- الاهتمام بعنصر المتابعة والمساءلة، وعدم هدر الوقت والجهد في أمور روتينية- حسن اختيار التكنولوجيا المساعدة في تيسير الإجراءات المطبقة- تجنّب تغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة الفعلية للوطن والمواطن، وألا يكون شغل الوظائف الإدارية قائماً على المجاملات والمحسوبية، ويبقى الوازع الفعلي المحرّك للسلوكيات الحياتية الضمير الإنساني الحي، والرقابة الذاتية، وتحمّل المسؤولية التي تحتمه علينا تعاليم ديننا الإسلامي وقيمنا وأخلاقنا فلا تسقطوها من تعاملاتكم الحياتية.. ودمتم بود