استضافت الشارقة ملتقى قادة الإعلام العربي الذي شارك فيه 100 شخصية إعلامية عربية، ومن ملاك المؤسسات الإعلامية وكبار المسؤولين في قطاع الصحافة والإعلام في جلسات عصف ذهني تحدت التقليدية في المؤتمرات والملتقيات لتكون جلسات حوارية يشارك فيها الجميع، ويدلي الحاضرون بدلوهم واقتراحاتهم وحلولهم حول التحديات التي يواجهها الإعلام العربي. ناقش الملتقى في جلساته مسار التنمية في المؤسسات الإعلامية وقدرات الإعلاميين، ودور المؤسسات في تطوير صناعة الإعلام والمسؤولية الاجتماعية لها في الوطن العربي، وخرج بتوصيات فعلية كما سمَّاها الأمين العام للملتقى ماضي الخميس لتوضع في عين الاعتبار وتعرض في جامعة الدول العربية بشكل جدي، بعد أن عرضت على الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة الذي التقى المشاركين وناقش معهم أبرز نقاط الملتقى وتوصياته حيث أكد أن الصحافة علم وحرفة ومعرفة ومهارة. الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مجلس الشارقة للإعلام والذي أكد دعم التنفيذ الفوري لتوصيات قادة الإعلام العربي، أشار إلى أن الشارقة ستكون أول من تطبق وتستفيد من التوصيات التي ستنتج عن الملتقى لحرص الشارقة على التطور الإعلامي والاستفادة من آراء المختصين وقادة الإعلام. وزير الإعلام الكويتي السابق سامي النصف قال إن الإعلام هو أهم مكونات المجتمع التي تشكل جميعا منظومة متكاملة يقع الإعلام في مقدمتها، فهو الأكثر تأثيرا، فعلى سبيل المثال يمكن للطبيب أن يقوم بأخطاء طبية محدودة قد تقتل مريضاً أو اثنين، والطيار قد يقتل مئتين، لكن الإعلامي قد يقتل بلداً حسب قوله، لذلك نحتاج إلى مهنية في هذه المهنة وتدريب دؤوب للإعلاميين. رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة الخليج الإماراتية رائد برقاوي لا يرى من وجهة نظره أن هناك خطرا يهدد الإعلام التقليدي وقال إن الإعلام الجديد يسرق ما يتداوله عبر وسائله المختلفة من الإعلام التقليدي المهني، وملتقى الإعلام العربي يأتي في مرحلة مفصلية ونحن نسعى في هذا الملتقى لأن ننهض بالصناعة الإعلامية لأننا نواجه تحديات كثيرة تقنية وفي المضمون والرأي، فالإعلام العربي قادر على النهوض، هناك كجديد في الساحة وهو الإعلام الحديث وهو يفضل تسمية الإعلام التقليدي بالإعلام المهني، لأن هناك فريق تحرير وكوادر مدربة يتحرون المعلومة ويعملون بمهنية وحرفية ومصداقية، وأكد أنه ليس هناك خوف على المؤسسات الورقية لأن معظم هذه المؤسسات عملت على تحديث وإعادة بناء نفسها باستخدام التقنية ونشر المعلومة عبر موقعه الالكتروني بعد أن كان يقتصر على نشر الصحف ورقيا، واعتبر أنه ليس هناك ضغوطا ولا أزمات مالية تواجهها الصحف الورقية وهم تجاوزوها بحمد الله. الأستاذ مجري القحطاني مدير إذاعة وتلفزيون الخليج شارك في مداخلات صريحة تعدت الملتقى إلى صفحته بتويتر والتي لاقت تفاعلا كبيرا وتداخلات وآراء كثيرة، حيث قال إن قوانين الإعلام العربي قديمة ولا تواكب الحاضر، وان التحدي للمحتوى الإعلامي الذي يقدم وليس للجهة الإعلامية، كما طالب برؤية إعلامية عربية تكون خارطة طريق، وانتقد الإعلام العربي الرسمي بأنه يخاطب المسؤول وليس المواطن، وأسف لبعض وسائل الإعلام التي حولته إلى سلعة شعارها الربح، ووضع المغردون أسئلتهم قيد النقاش: من يصنع الإعلام اليوم وكيف يستطيع الإعلام المؤسسي ابتكار منصات إبداعية ملهمة؟ الإعلامي يوسف الهوتي من سلطنة عمان أغضب بمداخلته أساتذة الإعلام الأكاديميين حيث قال: المناهج الإعلامية أصبحت قديمة وغير منسجمة مع واقع الإعلام الجديد العالمي، لأنه اقتصر على نظريات قديمة جدا وجافة وغير عملية، فهناك الكثير في عالمنا ممن لم يدرس الإعلام تفوقوا في طرحهم وحضورهم على مواقع التواصل الاجتماعي، فهم مؤثرون بعبارات قصيرة دون أن يؤطرهم مقال. فلا بد أن نبني صحافة المواطن بتنظيم هذه العملية بوضع مناهج تدريسية عن الإعلام الجديد في المناهج الدراسية، لكي نحمل كل مواطن مسؤولية الاهتمام بوطنه لكي يهيئ وسائل التقنية التي بين يديه لخدمة الأوطان وليس لهدمها. الإعلامي الإماراتي علي عبيد أشار في مداخلته إلى التحديات التي تواجه الإعلاميين وهي تحديات فرضتها عليهم التكنولوجيا بمنصاتها المختلفة، كما من يطلق عليهم المؤثرين بحساباتهم المليونية، في وقت يتراجع فيه متابعو الوسائل التقليدية وبالتالي مداخلها من الإعلانات مما ينعكس على ميزانيتها. الكاتب والإعلامي جورج سمعان في صحيفة الحياة تعدى النطاق السياسي الذي عرف به كاتبا شرسا إلى مشاركة الحضور بدقائق كانت بمثابة كبسولة إعلامية مكثفة عن واقع الإعلام وأبرز التحديات. وأكدت توصيات ملتقى قادة الإعلام العربي أهمية تنشئة جيل قادر على إدراك دور الإعلام المؤثر في البناء والتنمية، داعية إلى إدراج مناهج متخصصة في التربية الإعلامية ضمن أنظمة التعليم في الوطن العربي. وأوصى ملتقى قادة الإعلام العربي الذي استضافه نادي الشارقة للصحافة التابع للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة على مدى يومين بضرورة رفع كفاءة الصحفيين والإعلاميين في الوطن العربي، داعياً المؤسسات الصحفية والإعلامية إلى تخصيص بند من موازنتها للتدريب على رفع كفاءة العنصر البشري، كما دعا إلى تبني ودعم النموذج الإعلامي الملتزم بالقيم المهنية الأخلاقية. ودعا ملتقى قادة الإعلام العربي الحكومات والدول إلى توفير بيئة داعمة تضمن حرية الحصول على المعلومات مع التأكيد على التوازن بين الحرية الشخصية ومتطلبات الأمن القومي مؤكداً ضرورة الأخذ بأدوات الإعلام الجديد والمواطن الصحفي وتطويع الوسائل والأدوات الحديثة لخدمة المعرفة والتنوير والتثقيف. ولم يغفل الملتقى أهمية مكافحة الإرهاب الفكري والثقافي والمعرفي وإدانة وسائل الإعلام المروجة لخطاب الإرهاب والكراهية. وفي ظل الهوس الالكتروني ووسائل التقنية أكد ملتقى قادة الإعلام العربي أهمية تدريب وتأهيل الشباب العربي في مختلف مجالات التكنولوجيا والتقنيات الحديثة والتطبيقات الإلكترونية، مشدداً على ضرورة تطوير برامج كليات الإعلام ومطابقتها للمقاييس الدولية في التدريب الإعلامي وأهمية تدريب وتأهيل مدراء المؤسسات الإعلامية. وتناول الملتقى ضمن توصياته طروحات تتعلق بضرورة تطوير التشريعات والقوانين العربية لتواكب تطور صناعة الإعلام والبث الرقمي عبر الإنترنت والتطبيقات الإلكترونية ، وتوعية أبناء المجتمع بالقضايا الاجتماعية واستثمار تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في غرس الفكر الايجابي وتعزيز قيم الأمن الفكري لمواجهة أصحاب الفكر الفاسد ومحاربة التطرف والإرهاب وكافة ما يهدد أمن المجتمع. وأكد على ضرورة وضع سياسات وآليات إعلانية واضحة في الفضائيات العربية، وتفعيل دور اتحادات ونقابات الإعلام العربية للحد من سيطرة رأس المال على المنتج الإعلامي. من جانبه، أعرب ماضي الخميس الأمين العام لملتقى الإعلام العربي عن بالغ تقديره لطروحات المشاركين في أعمال الملتقى التي شخصت حالة الإعلام العربي في ضوء ما تشهده الساحة العربية والعالمية من مستجدات، لافتاً إلى ما يعانيه الإعلام العربي من تحديات تستوجب التصدي لها ووضع حلول تطوير المنظومة الإعلامية العربية. الأستاذ طارق سعيد علاي مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة أكد أن استضافة نادي الشارقة للصحافة أعمال الملتقى يأتي ضمن البرامج والخطط التي تستهدف منظومة الإعلام العربي؛ لإتاحة تبادل الرأي والخبرة والاستفادة من التجارب الإعلامية، معرباً عن شكره لهيئة الملتقى لاختيار الشارقة مقراً لانعقاد الدورة الخامسة والتطلع نحو المزيد من التعاون المستقبلي بين الجانبين.