يقف الموسيقار السعودي الكبير (طلال) على أرضية صلبة من الثقافة الفنية والرؤية الموسيقية التي اكتسبها طيلة مسيرته الفنية منذ عشرات السنين. ولعبت خبرته الكبيرة في المجال الفني الغنائي دوراً كبيراً في إنتاج (سلسلة) من الأعمال التي أعادت الجمهور إلى زمن الأغنية الأصيلة التي كادت أن تندثر في الفترة الأخيرة. للموسيقار (طلال) أعمال ولدت لتبقى، وهي اليوم حديث الناس كلما أرادوا الانتقال إلى حالة الطرب والأغنية النظيفة التي باتت نادرة الوجود، مع سطوة الكلمات الركيكة والألحان المركبة وعدم احترام ذائقة الجماهير. ليس سراً أن نقول إن (طلال) يحارب لوحده كل هذه الموجة من الغثاء الفني، وهو يريد أن ينتصر للأغنية الطربية التي كاد أن يتخلى عنها الجميع، إنه بذلك يعيد ضخ دماء الطرب في شرايين الأغنية. قدر الأغنية العربية والطربية خاصة، ألا تموت، وقدرها الأبرز أن يسخر لها الله من يعيدها إلى واجهة الأحداث مرة أخرى، فالبقاء للأنقى والأصفى. وخلال السنوات الماضية، انتفض الملحن الموسيقار (طلال) انتفاضة الطرب، فأنشأ ورشة عمل ما زالت تعمل حتى هذه اللحظة، وطرح أعمالاً مع كوكبة من نجوم العرب، وأقيمت حفلات احتضنتها دار الأوبرا المصرية لفنانين كبار أمثال هاني شاكر وعبادي الجوهر وفنان العرب محمد عبده وأنغام. هذه الحفلات لم تكن تقام لولا التدبير الفني المحكم والاحترافية في الأداء، بعيداً عن الارتجال، وعمليات (السلق) التي نراها أحياناً في بعض الحفلات. مثل هذا الرصد لم يكن ذا قيمة، لو أن الواقع عكس ما نقول، وإلا فكيف بحفلة فنان العرب الأخيرة في مايو الماضي بدار الأوبرا في القاهرة، التي شهدت أكبر مشاركة لفرقة موسيقية في تاريخ الأغنية العربية، وما شاهده الجمهور من إبهار، حظيت تلك الحفلة بمشاركة أكثر من 160 عازفاً لأول مرة في تاريخ محمد عبده ومصر والوطن العربي. وحين تسجل كتب التاريخ عن الأغنية السعودية والعربية فإن (طلال) سيتقدم الصفوف، وسيتذكره التاريخ بخير، كأحد الذين انتصروا لذائقة الناس، واحترم هذه الأغنية التي بات مهموماً بالنهوض بها واستعادة رونقها.