طبّق الاتحاد الدولي لكرة القدم تقنية الفيديو المساعد للحكم الVAR، وهي التي تختصر بالإنجليزية عبارة (video assistant referees)، واستخدمت في مونديال روسيا لأول مرة في تاريخ كأس العالم، وتسهم في تغيير مجرى اللعب تماماً، وتعمل بمثابة المصحح الفوري لأهم قرارات الحكم بمساعدة 33 كاميرا لتحديد أربعة أمور رئيسة هي: الأهداف، ركلات الجزاء، البطاقات الحمراء ومخالفات اللاعبين. والهدف الرئيس من تطبيقها تحقيق العدالة، إلا أن هذا الهدف أصبح وأمسى مثار شك وجدل في أوساط الرياضيين والإعلاميين والمتابعين بعد الانحياز الواضح للمنتخبات الكبيرة المرصعة بالنجوم على حساب مثيلتها الصغيرة المكافحة، ونتحدث هنا عن بعض الحالات الواضحة (عدم طرد رونالدو أمام إيران، ركلة جزاء لإيران ضد البرتغال، اعتراض المغرب على هدف إسبانيا بعد لعب الكرة من غير مكانها، التغاضي عن سقوط لاعب مصري داخل منطقة الجزاء الروسية، رفض اللجوء للتقنية في ركلة الجزاء البلجيكية أمام تونس، احتجاج نيجيري في مواجهة الأرجنتين المفصلية). يقول رئيس (الفيفا) جياني إنفانتينو: «التطبيق جاء بعد دراسة، تم تجربتها على ألف مباراة، وجاءت دقتها 99 %»، ويؤكّد الحكم الدولي المصري جمال الغندور: «فكرتها جيدة، لكنها لا تطبّق بعدالة كاملة»، ورأي الغندور يتطابق مع شكوى المدرب البرتغالي كارلوس كيروش. أسوأ القرارات هو تطبيق العدالة بانتقائية واضحة وفاضحة، هنا نقع في المحظور عندما تكون العدالة ناقصة أو جريئة على الصغار وتخاف من الكبار. هذا الانتقاد لا يلغي جانب العدالة في التطبيق الصحيح للتقنية، فالفار ضبط الأهداف والتسللات والبطاقات الحمراء، وأسهم في تقليص الهفوات التحكيمية، وقطع دابر الجدل في كثير من الحالات. لكن ثمة سلبيات واضحة لا يمكن تغطيتها، نذكر منها: التقليل من هيمنة الحكم وسيادته على المباراة، تعطيل اللعب وبالتالي قتل متعة وحماسة وإثارة المباريات، عدم الدقة في احتساب الوقت بدل الضائع من جراء التوقف، الاستنقاص من قيمة وأدوار المساعدين، الانتقائية الواضحة في اللجوء للتقنية، الأثر السلبي الذي يقع على الحكم بعد أن يكتشف خطأ قراره مما يفقده التركيز في باقي وقت المباراة أو التشويش عليه، إضعاف شخصية الحكم في نظر اللاعبين مما يؤثِّر على تقبل قراراته، الإرباك الذي قد يؤدي إلى اشتباك بين اللاعبين في حال تعطل اللعب طويلاً، التأثير على فترة البث التلفزيوني وبالتالي الإعلانات، التكلفة المادية العالية وخصوصاً أن بعض البلدان لا يمكن أن تطبّقها، نقص مهارة تدريب المكلّفين بالمهمة والحاجة المستمرة لتدريبهم، صعوبة التصوير بنفس درجة التقنية في جميع الملاعب، عدم تحديد لقطات الإعادة التي يحتاجها الحكم لاتخاذ قراره، الضغوط الرهيبة التي تقع على الحكام في البلدان غير المتقدمة كروياً والتي لا يحظى بها الحكام بالحماية الكافية وأخيرًا الخوف من توغل التكنولوجيا في لعبة كرة القدم مما يفقدها المتعة والإثارة. أخيرًا، أعتقد أن تقنية (الفار) -ما لم يُعاد ضبطها- ستقضي على موهبة الحكم، أو ولادة حكم جريء يتمتع بقوة الشخصية التي تجعله يفرض سيطرته على أجواء المباراة واللاعبين ذلك لأنها ستخلق جيلاً تحكيمياً اتكالياً يهرب من اتخاذ القرارات الحاسمة ويعتمد على التقنية في أهم القرارات التي وُجد في الملعب من أجل تقديرها واحتسابها بناءً على معرفته ومهارته. فاصلة «تطبيق العدالة بانتقائية نوع من الظلم»