مضى الآن على مقاطعة الدول الأربع لقطر ما يزيد عن السنة، وليس ثمة مؤشرات تلوح في الأفق أن هناك حيلة أو وسيلة للخروج من العزلة والتهميش التي تعيش فيها هذه الدويلة الصغيرة المجهرية، اللهم إلا (وهم) فضائية الجزيرة، التي لم يبق قدحا وافتراء وأخبار ملفقة، عن الدول الأربع إلا ونشرتها، حتى أصبح بينها وبين الصدقية مثل ما بين السماء والأرض. ومن الغباء والحمق أن يعتقد القطريون أن التصعيد الإعلامي، سواء في الإعلام الظاهر أو إعلامهم الموازي، سيخرجهم من الورطة، ويحل عزلتهم؛ فقطر في الأساس كان لها دور محدد، فقد أوكل إليها أوباما، العمل لتمكين الإسلام السياسي من السلطة في الدول العربية، على غرار إسلام تركيا أردوغان، ثم التحالف مع الأمريكيين، لتحقيق مصالح أمريكا، غير أن الفشل الذريع التي منيت به الثورات العربية التي مولتها قطر ماليا وإعلاميا، جعل أوباما ومعه كثير من صناع السياسة الأمريكية يعيدون حساباتهم، ليكتشفوا أن الإسلام إذا تم تسييسه فإن النتيجة الحتمية لهذا التسييس هي الإرهاب، الذي لم يبق بعيدا عن الغرب، وإنما أصبح الخطر الحقيقي الذي يهددهم في عقر دارهم، سواء في أوربا أو أمريكا. فشل الثورات العربية، أو ما كانوا يسمونه (الربيع العربي) كان فشلا ذريعا لمن تعهد بالتنفيذ وهما قطر إضافة إلى تركيا أردوغان؛ وعندما تولى الرئيس الحالي السلطة في البيت الأبيض، وجد أن قطر كان حصانا فاشلا، بل قزما سياسيا ومن الغباء الرهان عليه، فأخرجوه من دائرة الاهتمام تماما، وأتت مقاطعة الدول الأربع، فعزلت قطر، لتعيد ترتيب القوى في المنطقة على غرار فشل الربيع الأوبامي، غير أن الأمير الأب حمد بن خليفة الذي يحكم قطر من خلف الكواليس كان قد تورم وانتفخ غرورا، وظن أن بمقدوره التحكم في إيقاع المنطقة السياسي، فأبى أن يرضخ للواقع الفاشل، وأصر ومعه أردوغان أن يسعيا إلى تمكين جماعة الإخوان مرة أخرى، ودعمهم مهما كانت التكاليف، معتمدا على قناة الجزيرة وكذلك المال القطري لتنفيذ المحاولة من جديد. المسؤولون القطريون الذين كانت تفتح لهم أبواب البيت الأبيض على مصراعيها في عهد أوباما، شعروا أن دورهم اضمحل وأن الأمريكيين في عهد الرئيس الجديد لم يعودوا كما كانوا في السابق، وهذا ما جعل حمد بن خليفة الذي ظن ذات يوم أنه على موعد مع الزعامة، عاد ليصبح مجرد شيخ هامشي لدويلة صغيرة هامشية، محاطة بالخصوم من كل جانب، وهؤلاء الخصوم عزلوها، وعزلوا أهلها، واضطروها إلى محاولة البقاء بالاعتماد على إنفاق كل مدخراتها، ويبدو أن دول المقاطعة لديها من الصبر وتحمل الحملات الإعلامية ما يجعل قطر تستهلك الكثير من احتياطياتها، وهم على ثقة أن القطريين في النهاية ليس أمامهم إلا الخنوع والخضوع والتعامل بعقلانية مع الأمر الواقع. وحسب ما يتسرب من الداخل القطري فإن هناك تذمرا يتزايد من أهل قطر على عزلتهم التي لا يرون لها نهاية قريبة. فسلاحهم الوحيد قناة الجزيرة، التي جربوها، وجربوا تسخيرها لتشويه سمعة قادة الدول الأربع لأكثر من سنة الآن، ولم تحقق لهم شيئا يذكر، إضافة إلى أن السوشل ميديا الذي أصبح الآن هو الصوت الأعلى والأقوى في الساحة الإعلامية، تسيطر عليه الدول الأربع سيطرة شبه كاملة، ولم يستطع القطريون مجاراتهم. قطر لا حل لها إلا الإذعان لشروط دول المقاطعة، شاء من شاء أو أبى من أبى. إلى اللقاء