أبناء جيلي الذين تجاوزوا العقد السادس وأكثر عاشوا زمن الفوانيس على اختلاف أشكالها وأنواعها أو حسب اسمها الشائع في ذلك الزمن. «سراج بوبيزه» و»سراج بوفتيله» حتى جاء زمن «الفانوس» الذي يعمل بالكيروسين. هذا الفانوس ارتبط أكثر بقدوم الشهر المبارك خصوصا في الدول العربية وعلى الأخص الشقيقة مصر حيث تؤكد المراجع التاريخية أن مصر الكنانة والمواطنين فيها هم أول من عرفوا الفانوس ونشروه فى جميع البلدان العربية، حيث يعود هذا الأمر إلى عام 358 هجريا. وتحديدا يوم دخول المعز لدين الله الفاطمي القاهرة بعد عودته من الغرب. حيث استقبله المسلمون بمصابيح تشبه في تكوينها تركيب الفانوس المتعارف عليه حاليا. وكان ذلك في منتصف شهر رمضان. ومن بعد ذلك التاريخ أصبحت المصابيح تستخدم لإنارة الشوارع طوال هذا الشهر، ومنذ ذلك الوقت أصبحت مرتبطة ارتباطا وثيقا بشهر رمضان الكريم، وأخذت في التطور حتى استقرت على هذا الشكل. ومن مصر انتقل الاهتمام به إلى الدول المجاورة وساهمت الإذاعة وبرامجها الرمضانية وبعدها التلفزيون في نشر ثقافة «فانوس رمضان» من خلال تلك الأغاني والأهازيج التي يرددها الأطفال وهم يتجولون في أزقة شوارع المدن مرددين (وحوي وحوي ايوحه.. وحوي يا وحوي مرحب رمضان. رمضان جنة. جت من الرحمن. شمعة بتكبر ايوحه في فنوس أخضر.. الخ ) وهكذا بات فانوس رمضان علامة مميزة للعديد من الفعاليات والنشاطات بل إنك عندما تسير في الأحياء التجارية القديمة في القاهرة أو الإسكندرية أو حتى بعض الأسواق العربية تجد الفانوس موجودا فيها بأعداد كبيرة. فما شاء الله بات سلعة تجارية مطلوبة مما جعل الشركات المنتجة للفوانيس تستعين بالمصانع الصينية والآسيوية في إنتاج فوانيس بأشكال وأنواع مختلفة. بل إن بعضها بات يحمل علامات لشركات ومؤسسات معروفة لها شعارها وعلامتها التجارية. والمثير بل المدهش أنه تم من خلال الإنتاج الصيني للفوانيس الرمضانية أنها باتت تغني وتردد وحوي وحوي ايوحه.. مما جعلها مغرية وجذابة للأطفال وحتى الكبار. وتجدر الإشارة إلى أن اسم «الفانوس» وكما تشير إلى ذلك المراجع اللغوية أنها تعود إلى كلمة إغريقية قديمة «فناس» وإشارة إلى الأدوات التي تستعمل في إنارة الشوارع في الماضي القديم.. وهكذا تحول اسم فناس اليوناني إلى «الفانوس» والذي مازال يحمل نفس الاسم منذ قرون. بعدما سحب البساط من اسم «السراج» وهذه الأيام وخلال الشهر الضيل تتضاعف مبيعات «فوانيس» رمضان في مختلف الدول العربية بعدما بات الطلب عليها كبيرا. هذا ولقد أشار أحد مصنعي «الفوانيس» في مصر حسب موقع «البورصة» المصري أنه قام بتصدير 150 ألف فانوس إلى المملكة وغزة والأردن، بسعر يتراوح بين 30 و100 جنيه للفانوس الواحد.. إلى جانب ذلك تنتشر في أسواق المملكة وفي مختلف المناطق والمدن العديد من الفوانيس المستوردة من الصين وبعض دول شرق آسيا. ولقد استطاعت الفوانيس أن تكون مادة أدبية وفنية. حكيت من خلالها القصص والحكايات وأعدت الرسوم الكرتونية واللوحات التشكيلية المستوحاة من «فانوس رمضان» وهذه الإطلالة «لوحتان» للكاتب أحدهما على القماش. والأخرى على خامة «الخوص» سعف النخيل.. وكل رمضان وأنتم بخير..