قف أمام جبل يوكا في ولاية نيفادا. ماذا ترى؟ لست ترى جبلاً فحسب، بل إنك ترى مكاناً ينوون أن يجعلوه أضخم مستودع للنفايات النووية في أمريكا! نعرف أن تلك النفايات تحتفظ بسمّيتها القاتلة آلاف السنين، لكن إليك هذا السؤال: ماذا سيحصل بعد 5 آلاف أو 10 آلاف سنة عندما تأتي أمم جديدة تعيش حول تلك المناطق؟ كيف سيعرفون أن يبتعدوا عن مخازن المخلفات النووية؟ هل تظن أنهم سيفهمون لغاتنا المعاصرة فوراً؟ كثير من الحضارات القديمة لا يعرف أحد معنى لغاتها، منها هارابان، حضارة عظيمة ازدهرت في وادي السند (باكستان وأفغانستان اليوم) واندثرت وتظل لغتها طلاسم أعيت كل العلماء. لو أن هؤلاء القوم خصصوا أماكن لعزل مخلفات سامة ووضعوا على المنطقة لوحات فكيف سنفهم كلامهم؟ سندخل تلك المناطق بلا اكتراث! وهذا ما يمكن أن يحدث بعد آلاف السنين عندما تَبيد الحضارات وتموت اللغات، وتعجز أمم المستقبل عن فك شفرة لغاتنا اليوم، وأقلق هذا العلماء حتى كوّنوا فريقاً يحاول منع القادمين بعد آلاف السنين أن يتعرضوا بلا قصد للنفايات النووية، والمسألة أصعب مما تظن، فأنت تعرف لغتك أو لغتين، وتفهم الرموز كسيجارة داخل دائرة حمراء يشطبها خط أحمر («ممنوع التدخين»)، لكن هذه تفترض علمك السابق بمعاني كل هذه الأشياء: السيجارة، وأن الأحمر لون تحذير، وأن الشطب يعني المنع، لكن شخصاً من المستقبل أو الماضي لن يفهم ذلك، بل إن أشياء بسيطة مثل رسمة سهم (والتي تعني توجيهك لمكان) قد لا تُفهَم! وهذا من أسباب انتقاد بعض العلماء لألواح بايونير، رسائل وُضعت في مركبة بايونير التي تجوب الفضاء الآن ويرجون أن تعترضها كائنات فضائية وتجد فيها تلك الألواح التي تشرح كوكب الأرض، فعلى اللوحة رسمة رجل وامرأة (أي أن سكان الأرض ذكور وإناث) ومعلومات أخرى، منها سهم يوضح مسار المركبة، وهذا السهم انتقده علماء، فقالوا إن كل إنسان اليوم يعي معناه، لكن هذا لأن أجدادنا استخدموا الأسهم في الصيد وعرفنا معناها، أما الحضارات التي لم تستخدمها فلن تفهم! وهذا ما يمكن أن يحدث مستقبلاً: ماذا يضمن أن الإنجليزية وغيرها ستظل مفهومة آلاف السنين؟ إن هارابان كانت من أعظم 3 حضارات ومع ذلك لا يفهم أحد لغتهم اليوم، والحضارة المصرية العظيمة لم نفهم لغتهم إلا بشق الأنفس وباكتشاف مصادف لحجر رشيد. لهذا وضعوا عدة اقتراحات لإيصال رسالة «خطر! مخلفات نووية! ابتعد!» إلى بشر المستقبل: (1) قمر صناعي يُرسل إشارات لكوكب الأرض باستمرار. (2) استيلاد قطط يتغير لونها عند القرب من إشعاعات نووية. (3) تصميم المناطق بحيث لا يُستطاع دخولها إلا بصعوبة وبتقنية عالية. (4) وضْع لوحة تحذير مكتوبة بكل اللغات المهمة عالمياً، وبعد فترة معينة تتغير فيها اللغات توضع ترجمات جديدة لكن بدون إزالة القديمة، وهذه تضمن أن يعرف أهل المستقبل اللغات القديمة. ما اقتراحك؟