قال صلى الله عليه وسلم: {رأيتُ في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهَلي (أي: وهمي واعتقادي) إلى أنها اليمامة..} الحديث متفق عليه. وفيه: أن أحسن أسماء هذه البلدة ما سمى به النبي عليه السلام: (اليمامة)، وأنه عليه السلام كان يعرفها، وما أكرم الله به أهلها من النخل. فهي بلدة مشهورة بجزيرة العرب، معروف مشهور ما بها، وأن النخل آنذاك عز لأهله وغنى، ولذا قال: (أهاجر إلى أرض بها نخل) ولم يذكر غيره من المال، ويدل على كثرة الماء باليمامة؛ إذ النخل لا بد له من ماء، ويُفهم منه كثرة نخل اليمامة؛ لأن كثيراً من الديار بها نخل، لكن لا يقال (بلدة ذات نخل) إلا عند كثرته. وذهاب أهله صلى الله عليه وسلم إلى أن مهاجره قد يكون إلى اليمامة، يوحي بما كان عليه أهلها من قوة، وقدرة على نصر من هاجر إليهم، فلذا ذهب اعتقاده إليها. وعُلم منه: كثرة ساكني اليمامة آنذاك؛ إذ المنعة المفهومة مما سبق، لا بد لها من كثرة؛ ولأن بها الماء والنخل، وهما مظنة الاجتماع. وشهرة اليمامة بنخلها؛ لكثرته، وطيبه؛ قال ياقوت الحموي: «صَفُور قرية باليمامة، بها نخيلات يقال لها الكبدات، هي أجود تمر في الدنيا، قاله الحفصي. وإذا كان قد فات أهل اليمامة شرف مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فقد أكرمهم الله بنصرة التوحيد الذي بُعِث به، فمن اليمامة وما حولها، انطلقت دعوة التوحيد، حتى عمَّ خيرها الجزيرة العربية وما حولها، والتي اتحدت بها أطراف الجزيرة العربية في دولة مباركة (المملكة العربية السعودية)، جعلها الله منارةً للتوحيد، وداراً عامراً للإسلام، وأسبغ عليها الأمن والأمان والرخاء. ** ** - سلطان بن عبدالرحمن العيد