كتبتُ قبل أربعة عشر عامًا عن حفلات التخرج التي تقيمها جامعاتنا المختلفة، متسائلاً: هل تهدف الحفلة للدعاية لإدارة الجامعة (الكلية)/ المعهد، أم لإسعاد الخريجين وذويهم بثمرة الحصاد والجهد الذي بذلوه على مدار الأعوام؟ واليوم لا يزال السؤال قائمًا: هل حفلات التخرج تهدف لتكوين لحظات فرح للخريجين أم أنها مجرد «حفلات لرفع العتب» من قِبل الجامعة، ويتم تسجيلها ضمن إنجازات عمادة شؤون القبول والتسجيل؟! نحن نريد حفلات تخرج، يفرح بها الطلاب مع أسرهم وأصدقائهم وأساتذتهم باعتبارهم النواة والأساس لكل ذلك، ووداعهم الجامعة يجب أن يصحبه لحظات سعادة حقيقية، يشعرون بها. لن أسهب في وصف حفلة تخرجي من جامعتي السعودية، لكن من خلال تجارب عالمية نقترح النقاط الآتية؛ لعلها تسهم في تطوير حفلات التخرج في جامعاتنا المختلفة: أولاً: حفل التخرج يفترض أن يكون له موعد ثابت بتاريخ ثابت من كل عام دراسي؛ إذ يصبح ضمن الجدول الدراسي؛ ويعلمه الجميع من طلاب وأعضاء هيئة تدريس وأولياء أمور وإعلام مع بداية العام الدراسي. مع تقديري لضيف أو ضيوف الشرف، فمن لا يستطيع الحضور في اليوم المحدد يمكنه إنابة غيره لرعاية الحفل. ثانيًا: ليس بالضرورة اقتصار الحفل على ساعة أو ساعتين، وإنما يفترض أن يخصص له يوم كامل، وبخاصة في الجامعات التي تخرِّج مئات الخريجين كل عام؛ لأن من حق كل خريج (الخطاب يشمل الخريج والخريجة) أن يأخذ وقته في الاحتفاء بالمناسبة بحضور أفراد أسرته وأصدقائه، ومن حقه التقاط الصور التذكارية مع أسرته وأساتذته في مكان الحفل، وفي مواقع الجامعة الأثيرة على نفسه؛ إذ ستبقى تلك أجمل اللحظات والذكريات عن جامعته أو معهده أو كليته. ثالثًا: مع التقدير لراعي الحفل النهائي، فلا مانع من تكريم الغالبية بطرق مختلفة، كأن يكون عن طريق عمداء وإداريي الجامعة، أو عن طريق شخصيات متخصصة في مجال كل كلية؛ ليبقى تكريم المتميزين والأوائل (السلام) على راعي الحفل النهائي. ما المانع أن يسلم وكيل الجامعة شهادات كلية العلوم، ويسلم عميد كلية الطب شهادات خريجي الطب، أو يقوم مدير الشؤون الصحية بالمنطقة أو وزير الصحة بتسليم تلك الشهادات في وقت مبكر قبل حضور راعي الحفل النهائي؟ ما المانع أن يسلم رئيس الغرفة التجارية شهادات خريجي كلية العلوم الإدارية، إذا كان لا بد من شخصية خارجية تتولى تسليم الشهادات والتقدير للخريجين؟ هنا لن يكون هناك حرج على الجامعة حين لا تتمكن من إعطاء الفرصة لجميع الخريجين لاستلام الشهادات من راعي الحفل النهائي؛ لأن الجميع كُرِّم من قِبل شخصيات بارزة أخرى. رابعًا: حضور أعضاء هيئة التدريس يعني الكثير للطلاب الخريجين؛ ولا بد أن تضع إدارة الجامعة في الحسبان تقديرهم، وحثهم على المشاركة في حفلات التخرج؛ فمن المخجل أن لا تجد في حفل التخرج أكثر من عشرة في المائة من أعضاء هيئة التدريس، كما هو مخجل أن تجد عددًا كبيرًا من الطلاب لا يشاركون في حفلات تخرجهم لشعورهم بأنها حفلات لا معنى لها في حياتهم.. تهانينا لجميع الخريجين والخريجات.