لن يجد القارئ لرواية إبراهيم نصر، الله حرب الكلب الثانية؛ (القائمة القصيرة للبوكر)، بدا من تذكر رواية جورج أورويل 1984 ، فالرواية التي تندرج، مثل رواية أورويل، تحت طبيعة الرواية الدستوبيا، تحفل بأجواء من التسلط والقهر، وتستشرف زمنا مستقبليا تلعب فيه التقنية الرقابية دورا بارزا في قمع البشر والإنسان وتوفر للنظام؛ الذي هو القلعة لدى نصر الله، والأخ الأكبر لدى اورويل وسائل وآليات لإدامة التسلط والرقابة على المواطنين ورصد أدنى اختلاجاتهم. راشد الشخصية المحورية في الرواية يبرز كشخصية ميكافيلية بعد أن تحول من مناضل، صابر، جلد ضد النظام إلى ترس في ماكنة النظام القمعي بعد أن يتزوج من أخت الضابط الذي كان يعذبه. وكان راشد قد أُعْتقل لأنه كان يشاهد سرية فيلما عن الماضي الذي تم إعدام كل ما يشير إليه بعد أن توصل حكماء القلعة إلى «أن الإنسان لا يتعلم من أخطائه، وإن فناءه لا بد سيحدث ما دام مصرا إلى هذا الحد على تكرارها..». تبدأ الرواية في أجواء كابوسية بعد انتهاء ما سماه الكاتب حرب الكلب الأولى. فالطيور تتساقط والظلمة تكتنف المدينة. ثم تتطور الأحداث دراماتيكيا عندما يظهر الشبيه لكل الشخصيات تقريبا. وكان قد بدأها راشد عندما صنع بواسطة التقنية المتطورة من سكرتيرته الجميلة صورة طبق الأصل من زوجته الأجمل (سلام) أخت الضابط. ثم يكتشف أن أحد سكان العمارة التي يسكنها يشبهه تماما، مما يؤدي لالتباس الأمر على زوجته ذاتها وتقع مشبيه زوجها في معاشرة دون أن تدري. الرواية فنتازية في بعض مناطقها، غير محددة المكان. تختلط فيها قناعات سياسية كالحديث الذي دار على لسان أحد الضباط الكبار حين يقول «إن القوميين الذين بالغوا في قوميتهم قد تحولوا دائما إلى شوفينيين...» مع رؤية فلسفية تستدعي سقراط، وينقلب الواقع الحالي الذي يقتل فيه المختلفون بعضهم إلى أن يقتل المتشابهون أشباههم في الرواية! الحوارات سمة واضحة في الرواية، لكن الأحداث المتكررة مثل حادثة اعتقال راشد والتباس ذلك على صهره الضابط؛ تقلل كثيرا من حرص القارئ في تتبع مصير الشخصيات، وتبعث الرتابة في السرد. ** **