قبل خمس عشرة سنة تقريباً وفي يوم صيفي حار كنت في قاعة انتظار تسجيل المواليد في مكتب ناصرية الرياض أترقب الإعلان عن رقمي لإنهاء تسجيل ابنتي هيفاء ولأن الانتظار عادة ولو لبضع دقائق معدودة ممل ورتيب جداً، فقد اخترت التأمل والتفكير في دراسة سلوك جمهور صالة الانتظار! لفت نظري أن أحدهم وكان مجاوراً لي يتحدث بالمحمول مع آخر بصوت غير مسموع، إلا أنه فجأة رفع صوته عالياً لدرجة الجزم بأن من كان في الشارع قد استمع لما قاله وكانت جملة. (رايح، رايح، بس ما ادري وين، وأردف كلمتين، يا باريس، يا حرمة). وأغلق المكالمة، هنا وقد دخلت في دوامة ضحك، التفت إلي قائلاً: وش اللي يضحكك؟ قلت: تلك المقارنة بين باريس وحرمة! رد بقوله: والله مالي عن حرمة!! وباريس يشهد الله أنني لا أعرف أين تقع؟ إذاً أنت من أهل حرمة؟ ومن المؤكد جداً انك (عنابي). رد قائلاً: نعم صدقت وفيصلي بالوراثة ذلك أن والدي لعب في مرحلة التأسيس وإلى مطلع التسعينيات الهجرية! وبعد أن عرفته بنفسي، سألني هل أنا من يكتب بالصفحة الرياضية بالجزيرة وقد أجبته بنعم، رحب بي كثيراً، وبعد أن عرفني بشخصه، قال: صدق أو لا تصدق كنت مع والدي في حرمة قبل أسبوعين وبحضور عدد من أصدقائه، سرد أحد الحضور قصة رحله الفيصلي للكويت قبل أكثر من 40 سنة!! وقد ذكر بأنك شخصياً قد وجهت نقداً لاذعاً لنادي الفيصلي بسبب تلك الزيارة الودية والخسائر التي تعرض لها في عدد من الألعاب. قلت نعم أذكر ذلك جيداً وكنت وجهت اللوم أيضاً على مكتب رعاية الشباب بالمجمعة الذي أتاح لهم فرصة اللعب بالكويت!! ودارت الأيام ونشأت بيني وبين معظم أهالي حرمة ومن النادي الفيصلي تحديداً علاقات صداقة متينة وعشت معهم أفراح الصعود التدريجي حتى أصبح ذا مكانة كبيرة ومن الفرق ذات الوزن الثقيل في الدوري وقد حقق الفوز على فرق تفوقه مادياً ومعنوياً حتى أصبح يذكّرنا بالطائي أيام زمان عندما كانت فرق تدفع مالاً ليلعب مباراتي الذهاب والإياب على ملعب (الفريق الكبير) ومع ذلك كان الفوز للطائي بالنقاط وبمبلغ مالي يسيل له اللعاب. قصه الفيصلي غنية جداً بالوصف والإبداع تعبر باختصار شديد عن ملحمة (فيصلية) قام بإعدادها وإخراجها أبناء مركز (حرمة) الذين يتطلعون لتحقيق حلم يراودهم بتصعيد (ديرتهم) إلى محافظة أسوة بغيرها من مراكز مماثلة. وسامحونا