شدد اقتصاديون ل«الجزيرة» على أهمية مشروع نظام الإفلاس المتوقع إقراره خلال الفترة القادمة في تحفيز المنشآت الصغيرة على دخول السوق، لافتين إلى أن مشروع النظام يضع المملكة بمرتبة متقدمة في سهولة بيئة الأعمال الجاذبة، ويعزز مركزها. وقال المحلل هشام الوليعي: من أبرز ميزات مشروع النظام أنه أتى مواكبًا ومتلائمًا مع أفضل الممارسات والمعايير الدولية، ووفق أفضل نماذج بيئات الأعمال العريقة والجاذبة؛ إذ يهدف النظام إلى تسهيل بيئة الأعمال، وتحسينها، وتعزيز كفاءة الاقتصاد، وجذب المزيد من الاستثمارات العالمية، وحماية الاستثمار والمستثمرين.. ويعكس الشفافية والعدالة لطرفَي العلاقة (المدين والدائن)، ويحفظ حقوق الدائن والمدين معًا، ويسهل الإجراءات لعودة دوران عجلة المنشآت المتعثرة للسوق بما يتواكب مع التحول الاقتصادي للمملكة ورؤية 2030. وأضاف: النظام بمواده شامل، ويتعامل مع حالات تعثر المشروعات التجارية والاقتصادية، ويعيد الهيكلة والتنظيم المالي للشركات المتعثرة، ويسرع عودتها لممارسة أعمالها، وحمايتها المؤقتة من الدائنين. ومن جهة أخرى يحفظ للدائنين حقوقهم بما لا يضر بمصالح جميع الأطراف، كما يمكِّن نظام الإفلاس المتعثر من تعظيم قيمة أصوله، وبيعها بأعلى ثمن عند تعذر فرصة استمرار النشاط الاقتصادي، ويضمن البيع المنظم والتوزيع العادل للدائنين. وأضاف الوليعي: نرى في تمكين المتعثر من مزاولة نشاطه وحمايته من الدائنين أمرًا يعكس بيئة الأعمال الجاذبة والمحفزة، في حين أن بعض المنشآت المتعثرة والمعرضة للإفلاس تستحق أن تبقى بالسوق لدورها ومكانتها الاقتصادية والاجتماعية المهمة في السوق السعودي.. وفي إفلاسها خسارة للمستثمرين، وتعطل للدائنين لاسترداد حقوقهم عن طريق المحاكم سابقًا، التي لا تستند إلى قانون إفلاس واضح. وتابع: يحفز النظام الجديد المنشآت الصغيرة على دخول السوق، وخوض تجربة المنافسة بحماية وكفاءة نظرًا إلى حجمها وعدم قدرتها على منافسة ومقارعة الشركات والكيانات الكبيرة التي تستطيع التفاوض والجدولة مع الدائنين، بعكس المستثمر الصغير الذي سيغرق في مستنقع لا نهاية له في حال تعثره. ونص النظام على التصفية الإدارية بمدة أقل وإجراءات ميسرة؛ وهو ما يرفع الكفاءة من جهة، ويقلل التكلفة من جهة أخرى. وقال الاقتصادي أحمد الشهري: يأتي نظام الإفلاس في وقت ملائم ومنسجم مع التحولات الاقتصادية التي يشهدها الاقتصاد الوطني، إضافة إلى أن أهمية نظام الإفلاس تصبح أكثر أهمية خلال الدورات الاقتصادية. وأضاف: جاء النظام متوافقًا إلى حد كبير مع الممارسات العالمية من أجل إعادة هيكلة الأعمال، والتخلص من الديون من خلال إجراءات وقائية وتوافقية، ويشكل عنصرًا حاسمًا في استمرار الأعمال التجارية؛ وبالتالي حماية الاقتصاد الوطني بشكل عام. وتظهر أهمية نظام الإفلاس للأعمال المهنية والأعمال الصغيرة في الدورات الاقتصادية الهابطة التي تتعلق بغير أسعار الفائدة والسيولة والديون بشكل عام، وتراجع النمو الاقتصادي العام. وتابع: نظام الإفلاس راعى العامل الزمني ومدد الإجراءات ما بين الدائنين والمدينين، وكذلك المحكمة والأطراف ذات العلاقة في النظام؛ وهو ما يسرع من دورة العمل في النظام. ونحن في الرأي الاقتصادي نثمن جهود وزارة التجارة والجهات التي عملت حتى ظهور النظام، ونتطلع إلى أن يحدَّث النظام بشكل دوري بما يتوافق مع المستجدات في التحول الوطني ومتطلبات رؤية 2030. وبدوره، قال المحلل أحمد الحجيري: في السابق كانت أغلب المنشآت الصغيرة تعاني التعثر الذي يصل في معظم حالاته إلى الإفلاس؛ لتهوى بأصحابها إلى المحاكمات التي تقضي على آمال صغار المستثمرين تمامًا، دون وجود نظام يسندهم ويرشدهم ويدعمهم ويوازي بين مصالح المدين والدائن، ومن خلاله يمكن إعادة تمكين المستثمرين، خاصة الصغار منهم أو حديثي التجربة، من السوق بنظام يكفل للدائن استرجاع حقه في وقت أقل. وللمستثمر استمرارية نشاطه والخروج من تعثره بكفاءة أفضل وتكلفة أقل؛ وبالتالي فإن وجود مشروع نظام الإفلاس يعد خطوة وركيزة جيدة للقطاع الخاص، وخصوصًا الفرص الاستثمارية الصغيرة التي ستتاح بشكل أكبر خلال الفترة القادمة كقطاعات التجزئة، ويقوم بتلك المشاريع في الغالب أفراد أو منشآت فردية، ليس لديهم شركاء داعمون؛ فيلجؤون إلى الحلول العشوائية بالاقتراض غير المدروس. وأضاف: شمل المشروع تمكين المدين من معاودة نشاطه، ومراعاة حقوق الدائنين، والتقييم لأصول منشآته، ومعرفة إمكانية سد العجز، ورفع كفاءة نشاطه مع خفض تكاليفه؛ ليعزز ثقته أمام سوق الائتمان وتحسين سجله الائتماني. وأضاف: كان من المفترض أن يشتمل المشروع على سجل ائتماني إلكتروني، يسهل من خلاله رصد حالة المستثمر بعد تحديد مواضع الضعف، واتخاذ الإجراء المناسب لعلاجها؛ ليعكس صورة الوضع سلبًا أو إيجابًا وفق كفاءة نشاطه بعد التمكين.