لم تكن عائلة آل بوش هي الوحيدة، التي حكم أمريكا اثنان من أبنائها، الوالد، جورج بوش، ثم الابن، جورج بوش، فقد سبقتها إلى ذلك عائلة آل آدمز، وذلك في بداية تأسيس الإمبراطورية الأمريكية، حيث كان جون آدمز أحد الآباء المؤسسين لأمريكا، الذين منهم الرئيس الأول، جورج واشنطن، والرئيس الثالث، توماس جيفرسون، وهم الذين كافحوا، حتى نجحوا في إعلان استقلال أمريكا عن بريطانيا، ثم كتبوا دستورها، وهو الدستور العظيم، الذي كتب قبل أكثر من قرنين، ولا يزال صامداً حتى اليوم، عدا عن بعض التعديلات، التي اقتضتها الضرورة خلال التاريخ الأمريكي، ولا شك أن للآباء المؤسسين قيمة عالية لدى الشعب الأمريكي، إذ لم يكونوا مجرد ساسة، بل كان بعضهم من كبار المفكرين، الذين ما زالت نظرياتهم في مجالات السياسة والاقتصاد تُدرَّس حتى اليوم. فاز جون آدمز، المحامي اللامع والدبلوماسي والمنظّر السياسي برئاسة أمريكا في عام 1797، وحكم لفترة واحدة فقط، إذ فاز عليه نائبه، المفكر توماس جيفرسون، في انتخابات عام 1800، ولك أن تتخيل شكل الدولة، التي كان يحكمها آدمز وجيفرسون، وهما من أميز الفلاسفة وأبرع الساسة، ومع أن آدمز كان يحلم بأن يحكم الإمبراطورية الناشئة لفترتين، مثل سلفه جورج واشنطن، إلا أنه لم يتمكّن من ذلك، ولعله زرع جينات السياسة في نجله، جون كوينسي آدمز، وهو دبلوماسي بارز، سبق أن انتخب لمجلس الشيوخ، وعمل وزيراً للخارجية، وقد استطاع الابن أن يفوز بالرئاسة، في انتخابات عام 1824، وأصبح الرئيس السادس لأمريكا، ولكنه، مثل والده، لم ينجح في الفوز بفترة رئاسية ثانية، رغم كل مؤهلاته التي يعترف بها المؤرخون. تميز الرئيس جون كوينسي آدمز بأنه، وبعدما خسر الفوز بفترة رئاسية ثانية، ترشح لمجلس النواب، وأصبح عضواً بالكونجرس، وخدم به أكثر من خمسة عشر عاماً، حتى وفاته في عام 1848، وربما أنه فعل ذلك لمناكفة خصمه الشرس، الرئيس اندرو جاكسون، الذي هزمه في الانتخابات الرئاسية، كما تميز بأنه لم يحضر حفل تنصيب خلفه، رغم أن حضور الرئيس السابق لحفل تنصيب الرئيس اللاحق يعتبر تقليداً عريقاً، وهو ليس الوحيد في ذلك، فقد سبقه لذلك والده، وتبعه أيضاً رئيسان آخران، هما خلفه، الرئيس جاكسون، والرئيس ريتشارد نيكسون، الذي لم يحضر، لأنه استقال من الرئاسة رغماً عنه، ولم يحدث بعد رئاسة آل آدمز، الأب والابن، أن حكم أمريكا ابن أحد الرؤساء إلا بعد أكثر من قرن ونصف، أي في عام 2000، عندما فاز جورج بوش الابن بالرئاسة، وللتذكير، فإن بوش الابن فاز عن طريق المحكمة العليا، بعد أن حصلت خلافات في عدّ أصوات الناخبين، وتم حسم الأمر بالقانون، لا بالتصويت!