بلادنا ليست كمصر وليبيا وسوريا، فكل دولة من هذه الدول دولة واحدة مهما اختلف أهلها بينهم بعد تغيير الأنظمة، وقد كانت بلادا تعاني من الظلم والفقر. وأما بلادنا فقد كانت قبائل وإمارات فقيرة متنازعة، فتوحدت في بلد واحد فأمنت واغتنت فهي في رغد من العيش أبدًا ودائمًا -بإذن الله-، تحت وحدة المملكة العربية السعودية. الوحدة تحت راية واحدة، نعمة من أعظم النعم. والقائد الموحد قائد عظيم، بشاهد أن نبينا عليه السلام هو أعظم من وحد راية الفرقاء، وصدق الله {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. والوحدة لا تأتي إلا بمخاض عسير، حتى إذا وُلدت فلا تخلو من مرض ووهن حتى يستقيم عودها وتقوى شوكتها. ولا يشعر كثير من الناس بنعمة وحدة المملكة العربية السعودية. وما ذلك إلا لأن وحدة بلادنا -قياسًا على الأمم من غيرنا- لم تقم على كثير دماء ودمار، وهي على حداثة عهدها بالوحدة، إلا أنها قطعت شوطًا كبيرًا في العدالة والمساواة. وهذه أمريكا لم تتحقق وحدتها حقًّا إلا بعد الحرب الأهلية الدموية المدمرة للجنوب، وقد تسلط الشماليون على الجنوبيين بعد انتصارهم في الحرب، ولم تتحقق العدالة والأمان بعد وحدتهم، إلا بعد دهر من الزمن. والتأليب العام يشحن القلوب، فيسهل نشر الفوضى عند المسيرات والاعتصامات التي استعد لها العدو المتربص، فيدس عملاءه من أجل أن يجعل من فوضى المسيرات والاعتصامات دمارًا دمويًّا شاملاً لبلادنا. فالمسيرات والاعتصامات في بلادنا، تجلب معها حتمًا الفوضى والانهيار الأمني والسياسي والاقتصادي لبلادنا، فالدول المعادية ستعمل على ضمان إذكاء روح الفتنة والفرقة عند قيام مثل هذه المسيرات والاعتصامات التي يراهنون عليها، لترسل كلابها وجلاديها عند قيام أي فتنة -لا سمح الله- لنشر الخوف والدم والتخريب تحت غطاء الفوضى، فيسهل عليهم السيطرة والهيمنة على ديارنا وقد أصبحت كأفغانستان والصومال. بلادنا كانت تعيش فترة ما بعد الوحدة، وهي اليوم تسير سيرًا حثيثًا في طريق الإصلاح والعدالة، ولا حياة ولا إصلاح بغير وطن، ولا وطن لنا نحن السعوديين بغير الوحدة تحت راية المملكة العربية السعودية، ولا وحدة لنا مع أي فوضى قد تحدث بقصد أو بغير قصد وقد تربص بنا العدو البعيد والحاسد القريب.