استهوت الجماعات الإسلامية والتنظيمات الإرهابية، والأحزاب شعارات النظام الإيراني مبكرًا - بعد الثورة، وخاصة بعد انتهاء الحرب بين العراقوإيران فتقاطرت بعض التنظيمات والأحزاب الإسلامية والقومية إلى طهران, ورحب بها حينذاك ملالي إيران، ومن هنا بدأ مسلسل التجنيد والاستقطاب والدوران في فلك نظام ولاية الفقيه, وذلك مع بدايات توافد تلك الأحزاب لتهنئة الخميني بنجاح الثورة، وتقديم الولاء والطاعة للنظام المجوسي، ووصل الأمر إلى مشاركة رموز عربية في الشبكة الدولية الأصولية المتطرفة التي أسسها «مهدي كروبي» الذي ترأس البرلمان الإيراني، وكان من رموز تلك الشبكة السوداني حسن الترابي الذي أدى دورًا كبيرًا في التنظير وتقديم الاستشارات, ومحاولة وضع السودان البلد الإسلامي العريق في دائرة النفوذ الإيراني مخدوعًا بشعارات إيران وحقدها على دول الاعتدال العربي، وقد خدم هذا الشخص النظام الإيراني وتنظيم القاعدة بما يفوق الوصف، على حساب المبادئ العربية، وضد أهل الاعتدال في المنطقة. إن ما قام به «الترابي» على سبيل المثال من حيث التقريب بين تنظيم القاعدة وجماعة الإخوان والتنظيمات الإسلامية والقومية، وبعض الكتَّاب والانتهازيين أمثال: محمد حسنين هيكل، كل ذلك يمثِّل خيانة لأهل السنة، وللأمن العربي، وسيأتي اليوم الذي يكشف فيه مسلسل عمالتهم لإيران، حيث ظلوا على امتداد ما يزيد على ثلاثة عقود يخدمون مصالح ومخططات إيران في المنطقة العربية. إن عملاء إيران من العرب وغيرهم, وعلاقاتهم المشبوهة بنظام ولاية الفقيه واضحة وهم خليط من القوميين والإسلاميين واليساريين ومليشيات إرهابية من الذين ضل سعيهم، وظلوا خنجرًا في خاصرة الأمة، يدعمون إيران ومشروعها التوسعي الطائفي في المنطقة على حساب الدول العربية، وهم شركاء مع «ملالي إيران» في أنهم لا يؤمنون بالدولة الوطنية الحديثة ولا بمشروعها، بل يرفضونها ويعرقلون ترسيخ قيمها ودعم قيادتها السياسية وحماية استقرارها ومصالحها، وواكب تلك الاستمالات والاختراقات الإيرانية خطاب إيراني يدغدغ مشاعر الجماهير العربية والإسلامية من خلال مواقف وشعارات سرابية خادعة تظهر العداء لأمريكا وإسرائيل, ومناصرة القضايا العربية تمويهًا وتضليلًا، ومنها قضية العرب الأولى, قضية فلسطين, وذلك من خلال إستراتيجية تعمل على التقرب إلى التنظيمات الإرهابية بعد أن تأكد للنظام الإيراني أن التنظيمات الإرهابية إقليميًّا ودوليًّا لا يحركها دين ولا مذهب بقدر ما تحركها أهداف سياسية, ومن هنا شرعت في استخدام تلك التنظيمات واحتوائها بسهولة لتوجيه أنشطتها لخدمة مصالحها على أن تظل هي نفسها في مأمن منها. وبالفعل تم توظيف تلك التنظيمات الإرهابية لخدمة الثورة الخمينية, كما سعت إلى تطوير برامج التسليح, وأظهرت خارجيًّا عدم الاكتراث بالاتفاقات والمواثيق الدولية، وبأي محددات إقليمية أو دولية إلا بالقدر الذي يتيح لها الاستمرار في إستراتيجياتها أو إعادة تموضعها تفاديًا لأي انتكاسة لأهدافها الإستراتيجية, مكرسة أوهامًا لدى الأطراف الخارجية بالاختلافات الداخلية, وما هي إلا مناورة توفر من خلالها للنظام الوقت اللازم للمراوغة السياسية, ومحاولات تفكيك التحالفات الخارجية، وواكب ذلك نهج سياسيٌّ قائم على الخطاب الشعوبي الطائفي المذهبي العنصري، والشعارات الرنانة التي تزيد من وتيرة حرارتها كلما وقعت أزمات في عالمنا العربي. والحق أن النظام الإيراني صاحب خبرة طويلة في دعم التنظيمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم، وأنه إذا كانت داعش قد منيت بهزيمة نكراء، كما حصل أيضاً للقاعدة، فستعمل حكومة الملالي على تبني تنظيمات إرهابية تحقق أهدافها، وتحت مسميات وعناوين جديدة أخرى، لكن يظل الدعم مستمر والشحن الفكري المنحرف الذي يستمد منطلقاته من كتب الخوارج القدماء والمعاصرين، ومما وفرته وسائل التواصل الاجتماعي من حيث بث الأفكار المنحرفة، واستقطاب ولاءات جديدة، واستغلال صغار السن، ومن لديه قابلية للانسياق وراء مزاعمهم.