لنبدأ دراستنا من نقطة محددة سلفا ومعلومة ثم نتوصل من خلالها إلى تحديد موضعنا أو مواضعنا التي لم تحدد مسبقا. ونقطتنا المحددة سلفا هي حفر بني سعد التي سبق للأستاذ محمد بن عبد الله الخيال أن حددها في مقال نشر له في جريدة الرياض وقد توصل في هذا البحث إلى أن آبار رماح هي حفر بني سعد وأنا أوافقه في هذا الاختيار خلافا للأستاذ عبد الله بن محمد الشايع الذي اختار أن بئر المزيرع هي حفر بني سعد وليس المجال هنا لمناقشة ذلك حيث كفاني الأستاذ محمد بن عبدا لله الخيال المؤنة في مقاله آنف الذكر. والميزة التي لأجلها سقنا الحديث هي الربط بين حفر بني سعد وحفر الرباب حيث حدد هذا البعد أبا عبيد البكري في كتابه الماتع معجم ما استعجم في رسم الحفر حين قال (...وفي شعر ذي الرمة: الحفر: موضعان حفر بني سعد وحفر الرباب بينهما مسيرة ليلة.) وقد أبعد النجعة أيما إبعاد كل من الأستاذ عبد الله بن محمد الشايع ومحمد بن عبدالله الخيال حين اختارا أن حفر العتش (العتك) هو حفر الرباب الذي يبعد عن آبار رماح أكثر من ثمانين كيلا وعن بير المزيرع أكثر من ذلك وهو بعد أكثر من الليلة بل يقارب ضعفها. فما هي الآبار والأحفار التي تبعد عن حفر بني سعد بعدا أكثر مناسبة؟ إن أقرب ما ينطبق عليه ذلك آبار الثمامة (العجاوين) التي تبعد عن آبار رماح ما يقارب الثلاث وأربعين كيلا وهو بعد جد ملائم إضافة إلى الدلائل الأخرى التي سنوردها لاحقا -إن شاء الله- ومن ذلك وجود قارتين وجبيلين إلى الجنوب الغربي من الآبار ضمن جبال أصبر على بعد كيلومتر واحد تقريبا من الآبار وهما شبيهتان بالرمانتين كما هو اسمهما الذي اخترنا ومن المعلوم أن من أسماء آبار حفر الرباب حفر الرمانتين وأيضا الحفرين فأين هو الحفر الآخر المكمل للحفرين والذي يسمى أيضا الحفيرة بالتخفيف وقد قال لغدة الأصبهاني صاحب كتاب بلاد العرب ص294 ( ثم أن لهم بالحفر حفر الرباب ،ماءة عظيمة يقال لها الحفيرة لبني الضرار). وهذه الماءة كما أرى هي مورد آبار (مصدة) التي هي قريبة جدا من آبار الثمامة ولذلك اشتركت معها في التسمية (حفر الرباب) بل وفي تسمية الرمانتين لأن الجبيلين الذين أشرنا إليهما يكادان يكونان بينهما وقد قال الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب ص281(ثم تصعد منهما قاصدا اليمامة فيكون من عن يمينك خرشيم وهي هضاب وصحراء مطرحة إلى الحفرين وإلى السلحين والحفران هما حفر الرمانتين وهن من مياه العرمة )ويزيد الأمر وضوحا وصف ياقوت الحموي لسلمانين في كتابه معجم البلدان ج3 ص239: (واد يصب على الدهناء شمالي الحفر حفر الرباب بناحية اليمامة بموضع يقال له الهرار والهرار قف..)، وينطبق هذا الوصف على حفرينا حيث يصب وادي سلمانين الذي هو كما أرى وادي الطوقي وهو كذلك يصب في أرض صلبة أي قف شمالي رماح كما هو الواقع ويقول أبوعبيد البكري أيضا في وصف سلمانين في كتابه معجم ما استعجم ص751 (سلمانان على لفظ تثنية الذي قبله إلا أن أوله مضموم :واد للتيم بين تبرع وبين العتك قال جرير: فلو وجد الحمام كما وجدنا بسلمانين لاكتأب الحمام) وهذا الوصف ينطبق على وادي الطوقي فهو أذن سلمانان أما تبرع الذي قرنه في الوصف البكري بالثمد حين قال في كتابه معجم ما أستعجم :(تبرع موضع بين حفر الرباب وبين ماء يقال له الثمد وهو لبني حويزة بطن من التيم) وتبرع بوصفه منطقة شاسعة واسعة. أما الثمد المذكور أعلاه فقد ذكره صاحب كتاب بلاد العرب ص 293: (الحقلتان: خبروان في بلاد ضبة من سدر ومنقع ماء وهما فيمابين الدجنتين والثمد ثمد بني حويزة بطن من التيم). وأنا أتفق مع الأستاذ عبد الله بن محمد الشايع في تحديده للحقلاوين بأنهما الخفس والخفيسة الشمالية والجنوبية وأن الثمد هو آبار القراشية. ** **