يحل اليوم أول أيام الميلادية الجديدة 2018م، بعد أن ودعنا عام 2017م الذي شهد العديد من الأحداث المفرحة والمحزنة إلا أن الاتراح والأحزان طغت على ذلك العام الذي نأمل أن يعوضنا العام الجديد بأحسن منها. عام 2017م فقدنا فيه العديد من القمم الأدبية والفنية، فقد ودعنا الأستاذ تركي العبد الله السديري رئيس تحرير صحيفة الرياض والشاعر والأديب إبراهيم خفاجي والأديب الشاعر والقاص المبدع حسن السبع، كما فقدنا المطرب والشاعر المبدع «أبوبكر سالم»، وجميعهم هامات فكرية وأدبية وفنية عالية فقدتها المملكة في عام واحد، وخليجياً فقدنا حسين عبد الرضا الفنان الكويتي الخليجي الذي أمتع كل أهل الخليج العربي بما قدمه من أعمال فنية قيمة من مسرحيات ومسلسلات تلفزيونية كما فقدنا الفنانة المصرية العربية «شادية» التي كانت رائعة سواء كمغنية أو ممثلة وإن غابت في الأعوام الأخيرة، إلا أن تراثها الفني سيبقى سجلاً خالداً لأعمال هذه الفنانة العظيمة وفقدت سوريا الفنان الكبير رفيق السبيعي «أبو صياح» الذي كان يجسّد شخصية الشامي المحببة التي أسعدت الكثيرين بمتابعة تشخيصية لها. عام شهد الكثير من الحروب والعمليات الإرهابية، إلا أنه يحمل مؤشرات تبشر بالتخلص من الإرهاب المنظم وقرب نهاية حروب الوكالة سواء في اليمن أو سوريا والعراق التي كانت ميليشيات ملالي إيران وأذرعتها الإرهابية تخوضها نيابة عن ورثة الخميني. شخصياً سيكون عام 2017م آخر عام عمل لي في جريدة الجزيرة، بعد عمل استمر قرابة الأربعة وأربعين عاماً قضيت منها أكثر من ثلثها في أروقة ومباني الصحيفة وعشت بها وتعايشت مع زملاء المهنة أكثر مما عشت مع أهلي وعائلتي، حيث كانت الجزيرة البيت والعمل والأهل والأصدقاء، عمل كنت أمارسه عاشقاً هواية تحولت إلى احتراف تتعايش معه حتى في المنام. بعد أربعة وأربعين عاماً يصعب عليك التصور أنك ستترك منزلك وبيتك وتغادر أهلك وأصدقاءك الذين عشت معهم، ومنهم كبير العائلة خالد بن حمد المالك كل تلك السنوات الطوال، ومنهم من زاملته سنوات قليلة ممن التحقوا بالجزيرة من الشباب الجدد الذين ورثوا صحيفة كبيرة كل الذي نأمله ونطلبه منهم أن يحافظوا على تراثها واسمها الكبير وسمعتها ليست في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي بل وفي كل الدول العربية. الجزيرة التي أودعها اليوم كمبنى إلا أنها ستظل وستبقى خالدة في فكري وقلبي ووجداني ومع أني قد لا أواصل «الدوام» كالسابق، إلا أنني سأطل على قراء الجزيرة كاتباً بين الحين والآخر، لأن ّالكاتب مثل الطبيب لا يمكن أن يتقاعد أو يتوقف قلمه عن الكتابة طالما ظل قادراً على الإمساك به، وإن وفرت الأجهزة الإلكترونية أساليب جديدة للكتابة. الحديث عن مغادرة الجزيرة يحتاج إلى وقفة أخرى للحديث عن «الجامعة» التي صقلت مواهبي إن كانت لي مواهب وعلمتني الحياة والصحافة معاً.