كلنا نعرف أنّ الخليج، حكومات، وشعوباً أسرة واحدة منذُ مئات السنين يجمعهم الدم، والعقيدة، والتاريخ، والثقافة، والجوار، والمصير الواحد المشترك، ودأبت حكوماته من حين قيامها على الحفاظ على هذه الروابط، والمصالح المشتركة، والشواهد كثيرة في نصرة بعضها البعض، ولعل كلمة الملك فهد -رحمه الله- الشهيرة إبان احتلال العراق للكويت تجسِّد هذا المصير، حينما قال: «يا تبقى الكويت، والسعودية يا تنتهي الكويت، والسعودية لا يمكن تنتهي وحدة وتبقى الثانية». ومن حوالي عشرين عاماً بدأت قطر في الخروج عن هذا المسار شيئاً، فشيئاً، واستقبلتها الجماعات، والدول المعادية لها، ولخليجها بوعود، ومكاسب زائفة أنشأت لها قطر قنوات إعلامية ضخمة داعمة لأفكار هذه الجماعات، وسياسة تتماشى مع رغباتهم اعتقاداً من قطر أن هذه التحالفات؛ ستحقق لها مكانة سياسية، وحضوراً دولياً؛ فذهبت بعيداً عن خليجها قريبة من أعدائها تقودها خلايا عزمي، ومن على شاكلة عزمي. لقد أخطأت قطر الطريق الصحيح، وسلكت طريقاً مظلماً أصبحت من خلاله مرتعاً لترويج أدبيات أعدائها، وأعداء خليجها؛ ونسيت قطر، أو تناست أنّ قوّتها مع إخوانها وليس بالالتفاف مع الأعداء، والارتماء في أحضانهم كما يتمنى كل عدو! بل إنّ قطر اختصرت على الأعداء الطريق وأصبحت راعية لفكرهم، وتوجههم وفي مَن؟! في أُمتها. وعلى القطريين أن يتيقنوا أنّ بلادنا تغاضت بما فيه الكفاية عما يحاك بها وأنّ الصبر نفد، والكيل طفح، وبلغ السيل الزبى، والأمور وصلت إلى أمنها، ومستقبلها. وعلى قطر أن تعلم أنّ هذا العدو الذي يقف معها اليوم لا تهمه قطر بقدر ما يهمه أن يجعلها خادمة له في الخليج؛ فالعدو لا يمكن أن يكون صديقاً بين عشية وضحاها، إلا لمآرب مشبوهة، ومخططات خبيثة (وللأسف) القطريون ينفذونها سواء علموا، أم لم يعلموا! قطر اُختطفت سياستها، وفكرها، وإعلامها؛ لضرب الخليج، وحكوماته وجعلها الصفويون، وتحالفاتهم بوابة يُعيدون من خلالها حقبهم المظلمة. واليوم وبعد سنين من انخراط قطر في هذا المسار الذي تخلله العديد من الإدانات بالصوت والصورة ضد دول الخليج، وبالأخص المملكة العربية السعودية، تقف قطر في مفترق الطرق!؟ بين طريق المكابرة، وطريق العقل، والرشد .. فأيهما ستختار؟! الجميع يُدرك أنّ قطر ستعود لرشدها إذا كان من يدير أزمتها عقلاً خليجياً عربياً مسلماً بعيداً عن الحزبية، وطرقها الملتوية.