أكاد أجزم متيقنا أن الأزمة بيننا وبين قطر وصلت إلى طريق اللاعودة، وفي تقديري أن النظام الحاكم في قطر بلغ من التهور والمقامرة مستوى يجعلني أشك فعلا أن «عزمي بشارة» الذي يدير السياسة القطرية، يريد أن يستخدم قطر، ومال قطر، لتدمير الخليج برمته لصالح إيران. قبل أزمة قطر كان القطريون يبقون على شيء من الحياء في أحقادهم على الخليج، والمملكة والإمارات بالذات، غير أن المقاطعة كشفت حقيقة ما كان يخفونه في الغرف السوداء، حتى جاءت حرب الحوثيين مع صالح في اليمن، وطفى على السطح انحياز القطريين بشكل فاضح إلى الحوثيين، ضاربين عرض الحائط بعقيدتهم التي كانوا يزعمون أنهم يذبون عنها، وطعنوا في الظهر بكل وقاحة عمقهم الجغرافي والأسري والقبلي والاجتماعي الذي يُفترض نظريا أنهم ينتمون إليه، بل وانتمائهم العربي برمته لصالح الفرس الأعداء. قطر ليس فيها سوى قوتين، الأولى: الجزيرة، والثانية: المال الذي يبدوا أنهم يتعاملون معه مثلما يتعامل الإنسان مع مناديل الكلينكس. أما بقية عوامل القوة المعتادة للدول، فليس ثمة تعداد سكاني، أو تاريخ، أو حتى عقول، أو أية منجزات حضارية يمكن أن تنسب لهذه الدولة. إضافة إلى أن قطر أبتليت بأمير، أو والد أمير، هو أقرب ما يكون للسياسي الشمشوني الفارغ، وهو «حمد بن خليفة»؛ هذا الرجل هو من يحكم قطر الآن، أما ابنه تميم الذي يفترض أنه تنازل له، فهو لا سلطة إطلاقا في يده. هذا الرجل العصابي المجنون، أعني حمد بن خليفة، يبدو أن لا علاقة له بالعقلانية ولا الموضوعية في حساباته، ولا في اتخاذ قراراته؛ لذلك قاد قطر إلى العزلة، والمأزق الذي هي فيه الآن، وشل كثيرا من قدراتها الاستثمارية، بل والاقتصادية تصرفاته الحمقاء. قطر الآن وقفت، وعلى رؤوس الأشهاد، وعلى عينك يا تاجر، مع الحوثيين، وإيران، وتسعى بكل قوتيها الإعلامية والمالية، لدعم الحوثيين. والسؤال الذي يثيره السياق، لهذا الاندفاع المجنون مفاده: ما هي الدوافع والمبررات التي دفعته لاتخاذ هذا القرار؟.. الجواب بمنتهى البساطة والمباشرة، كرها بدول المقاطعة، وبالذات المملكة والإمارات. أسألكم بالله: هل ثمة سياسي عاقل في هذا العالم تتحدد بوصلة قراراته، ويستنزف مدخرات شعبه، على الأحقاد والبغضاء والكراهية؟.. ثم هل في قطر رجل رشيد، عاقل، يقول له إلى أين تتجه بنا؟.. وافترض أن الحوثيين، ومن وراءهم إيران، انتصروا في حربهم ومؤامراتهم على العرب، ونفذوا أجندتهم التوسعية، هل يستطيع أي أحد أن يقدم لي الثمار والعوائد السياسية أو الاقتصادية التي ستعود على هذا الشيخ المجنون؟.. حتى المقامرون، يكون لديهم نسبة ولو ضئيلة لفوز رهاناتهم، أما هذا الكائن البشري، الذي ابتليت به قطر، فليس ثمة مكاسب يمكن أن نعتبر أن لها مردودا عليه أو على أسرته أو على شعب قطر. لذلك فإنني كنت على يقين لا يخالجه شك، أن قمة الخليج في الكويت لن تنتهي إلى أي انفراج لعزلة قطر، لسبب بسيط وهو أن دول الخليج يتعاملون مع مجنون، يمسك بزمام السلطات في قطر. إلى اللقاء