على الرغم من تأييد كافة الدول المقاطعة لقطر وكذلك جميع من جاء للمنطقة من الدول الكبرى في محاولات استطلاعية واجتهادات للتوسط في هذه الأزمة، إلا أن الكل أجمع على أن دولة الكويت بقيادة صاحب السمو الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح، هي الوسيط الوحيد المعتمد من كل هذه الدول. وقد قام أمير الكويت بجهود حثيثة ومكثفة لإقناع قطر بتنفيذ ما وقعت عليه في الرياض عامي 2013 و2014م، وبوساطة كويتية أيضاً، ولكن قطر لم تستجب لكل هذه الجهود المخلصة، بل تجاهلتها تماماً واستماتت في تدويل القضية وذهبت تتخبط في كل المحافل الدولية في محاولة لإثبات عدم تورطها في دعم الإرهاب واستضافة الإرهابيين وتأجيج النزاع والدعم المالي واللوجستي لكل المنظمات الإرهابية في سوريا واليمن والصومال ولبنان وغيرها، والتي تعلن عداءها السافر لدول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، بل استدعت قوات عسكرية من تركيا وإيران وحتى كوريا الشمالية واستمر الإعلام القطري الرسمي والإعلام الممول من قطر بإطلاق الاتهامات لدول المقاطعة بكل سفالة ووقاحة ليس لها مثيل. ونحن نلاحظ الآن تراجع وتيرة الوساطة الكويتية ولم نعد نسمع أي نشاط معلن (على الأقل لأي تحرك جديد) مما يدل على أن الكويت أصبح لديها قناعة وربما يأس من تجاوب الجانب القطري لمبادرة الوساطة الكويتية، التي كانت تهدف لعدم التدخل الأجنبي في شؤون وخلافات البيت الخليجي، إلا أن ما قامت به قطر مخالف تماماً لهذه الرؤية الكويتية المخلصة. ونذكر هنا أن ما وقعت عليه قطر في الرياض هو الالتزام بمبادئ وأنظمة مجلس دول التعاون الخليجي، وهذا ما خالفته قطر بكل المقاييس وبالأدلة القاطعة. السؤال هنا هل استمرار الوساطة الكويتية التي أفشلتها قطر هو في صالح حل الأزمة؟ وهل إبقاء الأمر على ما هو عليه، بل أسوأ مما كان عليه، سوف يعطي قطر التمادي متكئة على هذه الوساطة. أعتقد أن خروج بيان من دولة الكويت الآن يوضح الموقف الكويتي بالذات وما وصلت إليه جهودها وأن يكون البيان واضحاً متضمناً العقبات التي تواجهتها في هذا الأمر المهم جداً، فإن كانت بسبب التعنت القطري وتدويل الأزمة وجلب القوات الأجنبية للمنطقة وهذا ما هو واضح ومؤكد، فيصبح لزاماً على دولة الكويت التخلي عن لعب دور الوسيط مع دولة تعد مارقة وخارجة عن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، والعودة إلى ممارسة دورها المهم والفاعل في هذه المنظومة التي تحارب الإرهاب وتمويله من أي دولة في العالم، ودمتم.