جمع المفكر عبدالكريم الجهيمان الأساطير الشعبية في موسوعة (أساطير شعبية من قلب الجزيرة العربية) من خمسة أجزاء ليكون بذلك قد أحصى لنا كل ما نعرف ونجهل من موروث الأساطير في تراثنا. هذه الموسوعة نواتها كانت طفولة الجهيمان وقصص والده عليه عالمه الآخر الممتع الذي قاده لهذا النتاج الكبير واصبح مفكرنا الوحيد من بين أغلبنا قادراً على فهم واستيعاب أن هذه الأساطير ما هي إلا نسج خيال كانت ومازالت تشكل فارقاً في حياتنا وتربيتنا وحتى معرفتنا. (عوافي الله) بالنسبة لي فيلم الرعب الذي لا تغادرني صورته وينتقل معي من مكان إلى آخر حتى انتهيت من المرحلة المتوسطة..! حينها سألت أمي (يمه صدق فيه شي اسمه عوافي الله) لتكون ضحكتها سابقة لجوابها الذي حمل الكثير من الدهشة حيث إنني مازلت اذكر هذه العوافي الله وأنا في سن الخامسة عشرة!. كانت الصورة التي يخيل إلي أنني سوف أشاهدها تطل علينا من بين فتحات حواجز الشباك تتمثل بوجه امرأة نحيفة بعيون جاحظة وأسنان بارزة وشعر مجعد وملابس ممزقة، كنت أتوقع أن تهجم علينا في أية لحظة لأنني وشقيقي الذي يصغرني بعامين لم ننم وتسببنا بسهر والداتنا وسوف تحملنا لبيتها المخيف وهو مكان لا تستطيع أن تصل إليه أمي. كان تهديد والدتي لا يتجاوز (ناموا لا تجيكم عوافي الله) وكل ما مضى من صورة لعوافي الله ولعالمها كان خيالي هو من يرسمه ويجسده صورة ارتبطت بالخوف.. الخوف فقط. السؤال الذي يطرح نفسه لماذا كانت هذه القصص والأساطير والحكايات هي ميزة زمن مضى والآن لم تعد موجودة؟! هل كان العقل في ذلك الزمن قادراً على التعايش وتصديق الخرافات واليوم تغير مساره وأدرك أن لا حقيقة إلا ما نراه بأعيننا؟. ختاماً.. لأننا أنقياء كانت الصور من حولنا صافية حد تصديقها..!