عزيز على النفس أن تعزي في فقد غالٍ عليها بل على الجميع، ذلك الفقيد الذي كان يبني بكل ما أوتي من جهد في صمت بناء الراعي الحريص على بلده وأهله.. ألا وهو المغفور له صاحب السمو الملكي الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز، نائب وزير الدفاع الأسبق، رحمه الله.. فقيدنا وفقيد الوطن الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز -رحمه الله- نشأ وترعرع في كنف والده الملك عبد العزيز -رحمه الله-، حيث بدأ يطل على عالم المعرفة الفسيح ويفتح كوة خاصة إلى العالم، يرى بها من منظور أراده له الوالد، رحمه الله. حيث بدأ ينهل من معين والده من خلال الاحتكاك به ومجالسته وحضور مجالسه ومرافقته مع بقية اخوته.. كما أن الملك عبد العزيز -رحمه الله- قد انشأ مدرسة خاصة لأبنائه -ومنهم الأمير عبدالرحمن- وأولاها عناية خاصة، فيختار لها المعلمين الأكفاء والمدرسين من ذوي الثقافة الدينية والعربية. إضافة الى الجو والبيئة التي نشأ وترعرع فيها قريبًا من والده وإخوته.. وصاحب السمو الملكي الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز آل سعود (1931 - 13 يوليو 2017)، هو الابن السادس عشر من أبناء الملك عبد العزيز الذكور، ووالدته هي الأميرة حصة بنت أحمد السديري. أشقاؤه، الملك فهد، الأمير سلطان، الأمير تركي، الأمير نايف، الملك سلمان، الأمير احمد. وأبناؤه هم الأمير تركي، الأمير الدكتور عبدالعزيز، الأمير محمد أمير منطقة الرياض بالنيابة، الأمير فيصل، الأمير سعود، الأمير فهد، الأمير عبدالله. وبناته، الأميرة لولوة، الأميرة جواهر، الأميرة عبير، الأميرة لطيفة، الأميرة سارة، والأميرة نوف والأميرة حصة والأميرة الجوهرة. كانت للأمير عبدالرحمن -يرحمه الله- مشاركاته الفاعلة مع إخوانه الملوك والأمراء في استتباب وتوطيد الحكم في أرجاء المملكة، كما أن له جهده الوافر في العديد من الأعمال الخيرية في مختلف مناطق المملكة، ولا يغيب عن أهله ومواطنيه ذلك الجانب الإنساني الذي تحلى به رحمه الله في قربه من أبناء المجتمع ورغبته الشديدة في الاستماع والنقاش مع شرائح المجتمع كافة عندما يحضر دعواتهم الخاصة، كما عرف عنه - رحمه الله- تفانيه في تقصي أهم قضايا المجتمع وحرصه على إيصالها لإخوانه الملوك والأمراء فيما من شأنه خدمة الوطن والمواطن. الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز، ذلك الأمير المحب لأهله وأبنائه، خاصة من أبناء القوات المسلحة السعودية، أولئك الأبطال الأشاوس الذين تدربوا، بل نشأوا على يديه - رحمه الله- مستنيرين بتوجيهاته السديدة، مقتدين بجهوده المخلصة وقراراته الرشيدة.. فقد قدم - رحمه الله- لهم خلاصة فكره وجهده في خدمة بلاده بلاد الحرمين الشريفين. صاحب السمو الملكي الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز نائب وزير الدفاع السابق - رحمه الله- أحد الرجال الأوفياء الذين لم يألوا جهداً في خدمة بلادهم.. فما أن صدر الأمر السامي الكريم رقم 10 - 1 بتاريخ 16 - 1 - 1403ه بتعيين سموه رحمه الله نائبًا لوزير الدفاع بمرتبة وزير إلا وبدأ المسيرة الظافرة بالمشاركة الإيجابية، وقد رافق ذلك بدء العصر الذهبي للقوات المسلحة السعودية، فكان - رحمه الله- عضدًا أمينًا لأخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام آنذاك. أمضى سمو الأمير عبد الرحمن رحمه الله أكثر من تسعة وعشرين عامًا - رحمه الله- نائبًا لوزير الدفاع، كانت كلها مليئة بالعطاء بلا حدود. فكان شغله الشاغل خلالها البناء المادي والمعنوي، كما كان حريصاً خلالها كل الحرصً على راحة الفرد المقاتل في معيشته ومسكنه، وترقياته، وتدريباته، وسائر أعماله وكل جوانب حياته. لقد قام المغفور له الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز بمسؤولياته التي كلف بها خير قيام، وذلك في أهم مرحلة من مراحل تطور القوات المسلحة السعودية التي استطاعت بعون الله سبحانه وتعالى، وباهتمام الحكومة الرشيدة ودعمها غير المحدود إلى ما وصلت إليه من تطور وازدهار لتكون الدرع الواقي الذي يحمي أرض وحدود المملكة العربية السعودية من أعدائها المتربصين بها، إدراكًا منه - رحمه الله- لأهمية دور القوات المسلحة في تأكيد هيبة الدولة وإدراكه أن القوة العسكرية للمملكة لا بد أن تكون أيضًا على مستوى حجم المملكة ومكانتها. رحم الله الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز فقد كان شديد الثقة في الاعتماد على الله ثم على أبناء الوطن المخلصين، حيث كان دائم الحث للشباب على الالتحاق بالقوات المسلحة عن طريق المراكز والمدارس والمعاهد والكليات العسكرية. كما كان دائمًا ما يحث أبناءه الطلاب على الجد والمثابرة والاستعداد لثقته بأنهم أساس نهضة قواتنا المسلحة. وعلى المستوى الشخصي والاجتماعي، فإن صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن عبد العزيز - رحمه الله- تميز بأسلوبه الخاص الصادق والمباشر الذي يصل إلى قلب سامعيه، من أول وهلة، وذلك خلال تخاطبه المباشر لأبنائه من رجال القوات المسلحة بتذكيرهم دومًا بالإيمان بالله، والتمسك بتعاليم الإسلام ونصحه لأبنائه الجنود والضباط بالتمسك بشرع الله، حيث إن أي عمل لا يستند إلى شرع الله لا قيمة له، ولا بد من الأخذ والتمسك بشريعة الله لتحقيق خيري الدنيا والآخرة، ولقد حقق رحمه الله ذلك القول سلوكًا جليًا في جميع زياراته وتفقداته رحمه الله لأبنائه في الميدان. كان سمو الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز - رحمه الله- دائم الحرص على رفع الروح المعنوية لأبنائه الجنود وحثه المستمر على التدريب ورفع الكفاءة القتالية زيادة على ما توافر لديهم من الأسلحة المتطورة التي يكون استخدامها من رجال مدربين بكفاءة عالية رادعًا لكل من يفكر يوما المساس بأمن الأوطان واستقرارها. كما كان للفقيد جهود مباركة في تنمية القطاع الصحي من خلال مشاركاته الفعالة في الندوات، والمؤتمرات والفعاليات الطبية التي نظمتها الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة. كما كانت على رأس أولوياته المشاركة في اللجان والمؤتمرات، والاجتماعات الخارجية التي مثل فيها المملكة نيابة عن أخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز -رحمه الله- خارج المملكة. لا شك أن الفقيد الغالي هو فقيدنا جميعا، فقد عاش حياته عطاء لا ينتهي من أجل قوة هذا الوطن ومواطنيه ومن أجلنا جميعًا.. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.. إننا حينما نعزي في هذا الفقيد الغالي لنعزي أنفسنا، ونحن نقدم خالص التعازي للأسرة المالكة الكريمة، ولاة أمر هذه البلاد تحت القيادة الحكيمة لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان.. حفظهم الله ورعاهم.. ** **