انتقل إلى رحمة الله صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان وكتب للفقيد المغفرة والأجر ولأسرته الفاضلة المثوبة والصبر..{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.. وجعل الله ما أصابه من اعتلال الصحة في الآونة الأخيرة مغفرة وأجراً وتكفيراً إنه سميع مجيب.. والفقيد من أول أبناء المغفور له الملك المؤسس رحمه الله الذين بادروا بالدراسة خارج المملكة وبالتخصيص في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، حيث التحق بمدرسة ثانوية تؤهله للخدمة العسكرية وقد تعلم في تلك المدرسة اللغة وكذلك الانضباط الذي تهتم به مثل هذه المدارس، حيث يلتزم الطالب بأسلوب حياة فيها شيء من القسوة والمثابرة استعداداً للحياة العسكرية المهنية، وقد انتقل بعد ذلك إلى الجامعة حيث سكن مع إحدى العوائل متوسطة الحال والتي ربما لا تعرف هذه الأسرة طريقة التعامل مع من هو في مكانه ومقامه، وكان رحمه الله يروي كيف كانت العائلة تعامله بشيء من القسوة التي اعتاد عليها كأسلوب حياة الأسرة الأمريكية ومن ذلك الانضباط في مواعيد الأكل والنوم والخروج والعودة وكأنه قد لازم الحياة العسكرية مرة أخرى، كان ذلك حافزاً كبيراً لتعليم اللغة الإنجليزية وإتقانها مع حياة الانضباط والالتزام، عند عودته للمملكة تفرغ للقراءة التاريخية والدينية وقد التحق بالعمل الحكومي في وزارة الدفاع والطيران نائباً لوزير الدفاع والطيران وكان يزور المناطق العسكرية في الجنوب والشمال بالتناوب مع أخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وأشرف باستمرار على إلحاق الطلبة بالكليات العسكرية ورعاية منسوبيها وكذلك حضور الكثير من حفلات التخرج نيابة عن أخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران، وقد حضرت أحد اجتماعات سموه ببعض الخريجين من هذه المدارس وأذهلني معرفته لقبائلهم وبعض أسرهم، وحثهم على التمسك بالأخلاق الحميدة والسلوك المنضبط والمحافظة على دينهم وخدمة وطنهم ومليكهم، وكان رحمه الله على معرفة تامة بالكثير من الأسر والقبائل وكان يخصص جزءاً من وقته الثمين لقراءة القرآن الكريم وبصفة دورية وكذلك الكتب العربية وكان يحمل دائماً في جيبه بعض الكتب الصغيرة المشتملة على بعض الأحاديث النبوية والآيات القرآنية ويستشهد بها في الكثير من المجالس كالحث على السواك وصلاة الليل والدعاء في الجزءالأخير من الليل عندما ينزل الرب الكريم للسماء الدنيا ويقول هل من داعٍ فأغفر له هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر أغفر له حتى ينفرج الفجر، وكان سموه أول من حثّ الجيش السعودي عند تحرير الكويت على استعمال كلمة الله أكبر عند الإطلاق بدل من كلمة أطلق، ولا يخلو خطاب له أثناء زيارته للقواعد العسكرية للتهنئة بالأعياد وبالمناسبات من حثهم على التمسك بالدين والأخلاق الحميدة والسلوك الحسن وفي إحدى زيارات سموه لأمريكا لإجراء بعض الفحوصات الطبية في مستشفى مايو كلينك في روشيستر كان رحمه الله يخرج إلى المتنزهات ويعشق الطبيعة وهي خلابة هناك، وفي إحدى الحدائق الطبيعية كان رحمه الله هناك مع أصحابه ومرافقيه وابنه سمو الأمير محمد وكان في نفس المكان بعض المرضى السعوديين الذين يتعالجون في المستشفى فسعى الجميع للسلام على سموه وتناول القهوة وأصروا على أن يشرفهم للعشاء فما كان منه رحمه الله إلا أن أجاب دعوتهم وزارهم في مكان إقامتهم، وقد سعدت بمرافقة سموه في هذه الزيارة التي أسعدت المواطنين حيث قدمت للمدينة لزيارة سموه رحمه الله وبعض أبناء مجلس التعاون الخليجي، وقد تعاون الجميع لإقامة مائدة عشاء فاخرة وإن دل ذلك على شيء فهو تواضع سموه وحبه للمواطنين، كما كان سموه صاحب أريحية وأعمال خيرية كثيرة وكان يألف حياة البادية والبساطة فيزور باستمرار مزارعه في الأحساء والقصيم وساجر وله ذود من الإبل يتفقده باستمرار ويألف الاجتماع مع أبناء البادية في هذه المناطق وكان يحمل مطالبهم وأمانيهم إلى القيادة الحكيمة لتحقيقها رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان وعزاؤنا جميعاً للأسرة المالكة الكريمة وأهله وذويه وأبنائه البررة.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }.