إن القادة لهم تأثيرهم الكبير على رعيتهم ومجتمعاتهم، ولا شك أن هذا التأثير يكون أوسع وأعظم وأكبر لقائد ارتضى لنفسه لقب خادمٍ للحرمين الشريفين مع ما يحمله هذا اللقب الكريم من تعظيم لشعائر الله عز وجل وخدمة لبيته ولقاصديه وعمارة له. لقد سعدت بالسلام على خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله ورعاه- في عدة مناسبات، وكان آخرها حين تشرفت باستلام جائزة الأمير نايف العالمية لخدمة السنة النبوية منه -أيده الله- في المدينةالمنورة، ورأيت مدى حبه للعلم الشرعي وأهله وحرصه على نشره ودعمه والعناية به ورعايته، وهذا ما تجلى في خطابه -حفظه الله- لمعالي وزير الثقافة والإعلام رافضا عبارات بعض الكتاب في الثناء عليه وهي لا تخلو من مبالغة، وجاء في حديث خادم الحرمين الشريفين حفظه الله: (إن هذا أمر كدَّرنا، ولا نقبله، ولا نرتضيه، ولا نقره.. مدركين خطورته، وخطورة التساهل فيه؛ كونه يمس جناب التوحيد. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- :(إياكم والغلو؛ فإنما أهلك مَنْ كان قبلكم الغلو)، وقال عليه الصلاة والسلام: (قال الله - عز وجل - الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدًا منها قذفته في النار). وحيث قامت هذه البلاد المباركة على هذا الاعتقاد، ولزمت هديه الكريم دينًا ندين الله به، لا نحيد عنه بعون الله...). وقد عاد بي هذا الموقف الكريم لكلمةٍ مشهورةٍ للملك فيصل -رحمه الله- في حفلٍ لوزارة الإعلام حيث قال في خطابه: إنه يريد أن يشكو وزارة الإعلام للمواطنين، لأنها لم تستجب لرجاءاته لها بعدم الإكثار من الإطراء والمديح في التعامل معه عبر وسائل الإعلام، الأمر الذي يحزُّ في نفسه، حينما يراه أو يسمعه، وأكَّد أثناء الخطاب الذي ألقاه أن كل ما يحقِّقه من إنجازات هو واجب عليه، لافتاً إلى أنه حينما يقوم بخدمة المواطنين من المفترض عليه أن يشكر ربه لأنه وفَّقه لذلك. إن من حقوق الأئمة على رعيتهم: النصيحة لهم، وقد ذكر العلماء أن النصيحة واجبةٌ على كلا الطرفين الحاكم والرعية، قال صلى الله عليه وسلم: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قال: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ ولأئمة الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ). والنصيحة لهم تكون بمعاونتهم على الحق وطاعتهم فيه، وتذكيرهم برفق ولطف وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين، وتألُّف قلوب الناس لطاعتهم، وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم، وأن يُدعى لهم بالصلاح. جزاك الله خير الجزاء يا خادم الحرمين على نُصحك للإعلام، وأيَّدك بالتوفيق وسداد الرأي، وجعلك مفتاحاً للخير، وجمع بك كلمة الأمة على الحق والهدى. ** **