تنص المادة الثانية من نظام الإجراءات الجزائية على أنه «لا يجوز القبض على أي إنسان، أو تفتيشه، أو توقيفه، أو سجنه، إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاماً، ولا يكون التوقيف أو السجن إلا في الأماكن المخصصة لكل منهما وللمدة التي تحددها السلطة المختصة. ويُحْظَر إيذاء المقبوض عليه جسدياً أو معنويّاً، ويُحْظَر كذلك تعريضه للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة». وقد قرأتُ أن النيابة العامة، التي كان اسمها هيئة الرقابة والتحقيق سابقاً، قامت مؤخراً بنشر هذه المادة ضمن جهودها التوعوية لكي يعرف المواطنون والمقيمون حقوقهم في حالة تعرضهم للقبض أو التوقيف. لا شك أن نظام الإجراءات الجزائية السعودي متقدِّم جداً ويوفر حماية ممتازة للمتهم، وهذا ما يقوله القانونيون المتخصصون. وهذه الحماية تتجلَّى في مواد النظام وفي لوائحه التنفيذية. فبالإضافة إلى ما نصَّت عليه المادة الثانية التي أشارت إليها النيابة العامة، نجد نصوصاً بالغة الأهمية في النظام واللوائح مثل المادة الثالثة الني نصَّت على أنه «لا يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص، إلا بعد ثبوت إدانته بأمر محظور شرعاً أو نظاماً بعد محاكمة تُجْرى وفقاً للمقتضى الشرعي»، وكذلك المادة الرابعة التي نصَّت على أنه «يحق لكل متهم أن يستعين بوكيل أو محام للدفاع عنه في مرحلتي التحقيق والمحاكمة»، وغير ذلك من المواد. وأتذكر أنه قبل سنوات درس مجلس الشورى، وكنت أحد أعضائه، نظام الإجراءات الجزائية، فكانت هناك وجهات نظر ورؤى مختلفة للأعضاء وانتقل النقاش أيضاً إلى صفحات الصحف وشارك محامون وأساتذة جامعات متخصصون في القانون، وتم تعديل النظام وتطويره، وما زالت هناك مساحة للتطوير وبخاصة بعد النقلة الكبرى المتوقَّعة وذلك بعد صدور أمر ملكي في أواخر شهر رمضان من هذا العام 1438 بتحويل هيئة التحقيق والادعاء العام إلى نيابة عامة والتأكيد على فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية. عموماً، ما وددتُ التنويه إليه والإشادة به في هذا المقال هو مبادرة النيابة العامة إلى توعية المواطنين والمقيمين بالحقوق التي كفلها لهم نظام الإجراءات الجزائية وهي حقوق تتجاوز ما ورد في المادة الثانية إلى جميع مواد النظام ومواد اللائحة التنفيذية. نتطلع إلى جهود توعوية متسارعة من الجهاز الوليد، النيابة العامة، فبعض المواطنين والمقيمين لا يعرفون حقوقهم وواجباتهم، ونتمنى أن يتحقق ذلك في ظل الحراك الملموس في مرفق القضاء في السنوات الأخيرة.