الكتابة عن منجز هلالي من أصعب الأمور، فقلمك يدور في رأسك، ثم ينقلب إليك وهو حسير! فماذا عساك قائلاً؟ إن قلت تأهل الفريق إلى الأدوار المتقدمة في آسيا، متصدراً مجموعته، فلم تأت بجديد، وإن قلت حسم الدوري قبل انتهائه بجولتين، فلم تأت بمفيد، وإن قلت امتلأت مدرجاته في دولة أخرى، وهو أول فريق يعمل له «تيفو» في غير دولته، فإنك أيضاً لم تأت بفريد! وإن قلت إنه لم يخسر في العام الجديد، وإنه لم يخسر طوال الموسم خارج ملعبه، فلم تضف المزيد! محبو الهلال ولاعبوه وجماهيره، أصابتهم (تخمة) البطولات، وأرهقت أحبار التاريخ إنجازاتهم، فريقهم يتصدر في آسيا، ويحقق الدوري، وينافس على كأس الملك، والفئات السنية كلها تحقق الألقاب وتنافس على البطولات، وفريق الطائرة، يحقق بطولتين في أقل من أسبوع، والتنس حصد الذهب، والكاراتيه لاعبوه يحققون ألقاباً عالمية، والصحف العالمية تتغنى به، ولاعبوه ومدربوه السابقون يحضرون لمساندته من كل مكان، وبعد هذا كله والذي يعتبر كشف حساب مختصر لإنجازات هذا النادي العملاق، لا تجد بين إدارته ولا لاعبيه ولا جمهوره، من يفرك أنفاً! أو يُصاب بهستيريا في المدرج، أو يخرم مروءة في مكان عام، أو يسيء الأدب في شارع، وإن حدث هذا فمن قلة قليلة، لا تشكِّل شيئاً بالنسبة للكيان، الفريق ليس كاملاً حتى لا يُقال أنساهم الفرح كل العيوب، فهناك الكثير من العمل في القادم، خصوصاً في الأدوار المتقدّمة من آسيا، إذا أراد الفريق المواصلة، لكن المقام ليس مقام (نقد) الآن، والفريق مدعاة للفرح وللفخر لكل السعوديين العقلاء، أصحاب العقول الرزينة، والأذواق السليمة، في كل حالاته، وكما قال أستاذنا - سامي اليوسف- في مقاله القرار الحكيم في تشجيع الزعيم: الهلال مصدر سعادة رياضية، ونصح المتعصبين في ثنايا المقال أن ينبذوا تعصبهم، ويشتروا راحة البال وينضموا لقائمة «عشاق الزعيم» بدلاً من الهروب إلى الدوريات الأوروبية! أعود على ما بدأت به المقال، لأقول يعجز القلم، ويحار المعجم، في استخراج كلمات جديدة، ترضي مسامع الهلاليين، فالبطولات والألقاب والمنجزات، أصبحت هي التي تبحث عنهم، بدلاً أن يبحثوا هم عنها! وحتى كلمة (مبروك) أصبحت لا تحرك ساكناً فيهم! لكن كل هذا لا يعني الزهد في الفريق، وجمهور الهلال مقصّر في دعمه، عندما كان في أمس الحاجة إليه! وحضوره إلى الملعب والفريق يستعد لتحقيق لقب الدوري، والاحتفال به معهم، كان (خجلاً) في الواقع! وكون الفريق يتخم جماهيره بالبطولات هذا لا يعني أنه مستغنٍ عنهم! بل يعني أنه يحثهم ويجذبهم للوقوف معه ومساندته أكثر، وخصوصاً أن الهلال سيخوض معتركاً آسيوياً شديداً في القادم ويحتاج وقفة جماهيرية صادقة وحاشدة في الداخل والخارج. أخيراً ثمة كلمة (مبروك) واحدة قد تحرك كل الأفراح الخامدة في عاطفة كل هلالي، وهي التي سيسمعها بعد تحقيق الفريق لبطولة آسيا، وربما تكون قريباً.