هذا إذا أخذنا بالاعتبار أن الزمان يأبه بافتراضاتنا حوله، وأنا بين الزمن المُثبت والثابت والمتحول والخفي، أعتقد أنني قد رأيت حيوات متعددة، مع فارق العودة والتكرار، فالدوران الذي يعيد التاريخ، لا بد أن يغير في كل دورة بعض الرموز، ليميز مستقبله عن حاضره! التاريخ المدوَّن على ورقة التقويم يبدو رتيباً جداً، ربما لأن تعاملنا معه لم يكن على قدر الغرابة، وربما لأننا لم نطرح السؤال المطلوب، نحن الأقرب ونحن الأغرب مع هذا التقويم، فتلك الورقة العميقة التي أرخت «الهجرة» والميلاد، وأحاديث النجوم والمطر، وفصل البرد ونظيره الحر، وحكايات أول الشهر وآخره التي لم يتفق عليها أحد من الفلكيين، وكانت دائماً محل النزاعات والتعصب في الآراء، وأوقات الصلوات في الشرق والغرب، والجنوب والشمال، كل ذلك لا ينتظر منا أن نلقي عليه نظرة ساذجة في الصباح، ثم نقلب الورقة للورقة التي تليها والتردد يعبث بأنفسنا التي يشقيها الفضول لقراءة حكمة اليوم، بينما يعذلها الكسل! الأسوأ من كل هذا هو تلك الورقة التي ننتزعها من التقويم غصباً بعد فوات أوانها، أو التي ندوَّن عليها ملاحظات لا تعني شيئاً قبل مجيء أوانها، أو التي ننزعها بإهمال من السجل قبل أن يحين موعدها وهذه أقصى درجات الإهانة للزمن المثبت المكتوب. قبل عدة أيام، تلقيت هدية فاخرة، كانت عبارة عن (تقويم) وضعته أمامي وطالعته كثيراً والسؤال المكرر الخالد الذي لم يجد أحد إجابته حتى الآن يدور في خلدي، وهو: هل نحسب الأيام أم أن الأيام تحسبنا؟! وظل هذا السؤال يدور في فلك عقلي، حتى استبعدته بسؤال حديث آخر، يتناسب مع حديث وحداثة التقويم، وهو: هل يمكن أن يُهدى الزمان؟! - عادل بن مبارك الدوسري [email protected] AaaAm26 @