أكد اقتصاديون أن المملكة مازلت تحتفظ باحتياطيات نقدية أجنبية عالية، وأن تعديل وكالة «فيتش» نظرتها المستقبلية للاقتصاد السعودي من سلبية إلى مستقرة بني على الإصلاحات الاقتصادية الحالية التي تجريها الحكومة وقدرتها على تحقيق أهدافها بحلول 2020 وهو موعد تحقيق التوازن المالي. وقالوا ل«الجزيرة»: إن القدرة المالية للمملكة ما زالت مستقرة وبرامج وزارة المالية ستسهم بشكل فاعل بتعزيز الوضع الحالي، إلى جانب أن الاحتياطيات في السندات وأدوات سوق النقد ما زالت مرتفعة، فيما توقعوا أن يكون أي تأجيل لبعض برامج التوازن المالي سيكون مرهونًا بمدى تحسن المناخ في الاقتصاد العالمي. وقال الاقتصادي أحمد الشهري: لا يوجد ما يدعو للشك في متانة الاقتصاد السعودي وما يحدث من آثار مالية على القطاع المالي نتيجة لتراجع أسعار النفط واعتماد الجهاز المصرفي على المطلوبات الحكومية التي تمثّل نسبة كبيرة من إجمالي قيمة الإيداعات، وأضاف: اقتصادياً أرى أن الحكومة قامت بالإجراءات المتبعة في مثل هذه الظروف من الاقتراض وتعويض هذه الفجوة بالإضافة إلى أن المملكة تمتلك قيمة نقدية أجنبية عالية، مشيراً إلى أن ما قدمه وزير المالية من تطمينات وإشارات على كفاءة الاقتصاد تمثل أهمية عالية للمستثمرين، ومن المرجح أن نشهد تأجيلاً لبعض برامج التوازن المالي حتى يتحسن المناخ الاقتصاد العالمي ويعود قطاع الصادرات غير النفطية إلى النمو والذي يمثل أساس نجاح برامج الإصلاح الاقتصادي، التوازن المالي يقابله توازن اقتصادي من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لا سيما بعد زيادة خادم الحرمين الشريفين للدول الآسيوية. من جهته قال الاقتصادي فضل البوعينين: بالعودة لتصنيف وكالة «فتش» أعتقد أن إعادة هيكلة الاقتصاد إضافة إلى انخفاض الدخل الناجم عن تراجع أسعار النفط لا بد وأن يؤثر في القدرة المالية وهو ما دفع فتش إلى خفض التصنيف الائتماني للمملكة؛ غير أنها عادت لتعدل نظرتها المستقبلية من سلبي إلى مستقر وهذا ربما بني على الإصلاحات الحالية وقدرتها على تحقيق أهدافها بحلول2020 وهو موعد تحقيق التوازن المالي. وأضاف: برغم المتغيرات فإن القدرة المالية للمملكة ما زالت مستقرة وبرامج وزارة المالية ستساهم بشكل فاعل بتعزيز الوضع الحالي. وذكر البوعينين أن ورقة التصنيفات الائتمانية قد تستخدم لأهداف أخرى خارجة عن إطار التقييم العادل. ومع ذلك يجب ألا نتجاهل التقييمات كمؤشر مهم للاقتصاد والوضع المالي. فالمملكة بصدد طرح سندات بالدولار في الأسواق العالمية ومن المحتمل ألا يكون إعادة التقييم في هذا الوقت وخفض التصنيف عرضياً. فخفض التصنيف يعني زيادة في تسعير السندات ما يحقق فائدة للمؤسسات المالية العالمية. من جهته قال المحلل المالي علي الزهراني: تم تعديل تصنيف (فيتش) كنظرة أقل وتقيم أقل على المدى البعيد ولكن بالنسبة للنظرة المستقبلية، التقييم يحكي الواقع الحالي ولكن النظرة المستقبلية هي التوقعات بالتالي النظرة المستقبلية كانت سالبة وتحولت إلى مستقرة فذلك عامل إيجابي ولكن الأمر غير الإيجابي أن التقييم انخفض بمقدار درجة واحدة. وأضاف: حالياً تقييم الثلاث وكالات متقارب والسبب في أن التقييمات انخفضت في الأعوام الثلاثة الماضية هي تفاعل مع أسعار النفط الهابطة وأيضاً التغييرات الحاصلة في برامج الإصلاح الاقتصادي ولها، فتكلفة برنامج التحول الوطني تبلغ تكلفت 371 ملياراً إلى عام2020 وستؤثر هذه التكلفة المرتفعة على الموازنة العامة للدولة لأن هناك مصروفات ستضاف للموازنة العامة خلال السنوات القادمة. وتابع: من الأمور الإيجابية أن المملكة ما زالت تحتفظ باحتياطيات نقدية أجنبية عالية وأيضاً الاحتياطيات في السندات وأدوات سوق النقد ما زالت مرتفعة وذلك عامل إيجابي، وفي حال نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي وتحول المملكة إلى اقتصاد متنوع وعدم الاعتماد على النفط فقط أعتقد بأن التقييمات ستتحسن من وكالات التصنيف وهذا مرهون بنجاح برنامج الرؤية التنفيذية سواء برنامج الاستقرار المالي أو برنامج التحول الوطني والبرامج المساندة لها. إلى ذلك قال الدكتور عبد الله باعشن: الاختلاف بين وكالات التصنيف والجهات التي تطلب هذا التصنيف أو تخضع لعملية التصنيف سواءً كانت حكومية أو شركات هو نتيجة لعملية استخدام نماذج تختلف بين الأطراف حتى الوكالات نفسها تختلف في عملية النماذج التي تستخدمها، وبالتالي المخرجات تكون مختلفة، لكن يجب أن لا ننظر إليه بأنه اختلاف جوهري وإنما اختلاف مسبب. وأضاف: لو نظرنا إلى التصنيف الأخير للمملكة هو من الناحية الرقمية أقل ولكن من الناحية الاستمرارية أفضل لأنه يتكلم عن استقرار الاقتصاد، وأعتقد هذا ما يتطابق مع تصريح وزير المالية بأن المملكة خلال الفترة السابقة أظهرت الأرقام تحسناً بالاقتصاد والناتج القومي ومقدرة الدولة على الاقتراض وتوفير السيولة. وأضاف: «فيتش» اعتمدت على نموذج مالي يختلف عن النموذج الذي اعتمدته وزارة المالية وهذا أمر متعارف عليه في عملية التصنيف أو في عملية التحليل في الأرقام، وبالتالي عندما تكون المدخلات مختلفة بين جهتين تكون المخرجات مختلفة. من جانبه أشار الدكتور عبد الله المغلوث إلى أن سياسات المملكة الاقتصادية نجحت من خلال إجراءات تستهدف تقليل العجز والحفاظ على مستوى أفضل، والإجراءات التمويلية من خلال الاستفادة من أسواق الدين الخارجي وفتح أسواق المال أمام الاستثمار الأجنبي، وهناك إجراءات هيكلية من خلال تقليل الاعتماد على النفط وتحسين كفاءة الترشيد وضبط سياسات الإنفاق. أما الإجراءات النفطية فهي عبر دعم استقرار الأسعار عالمياً واعتماد أسعار متوازنة ومستدامة.. وأضاف: ما ذكرته وكالة «فيتش» غير دقيق وغير شفاف فهناك قوة في أساسيات اقتصاد المملكة الذي يسير نحو التنويع وتحقيق الأهداف الطموحة مع العلم أن الاقتصاد تأقلم مع تقلبات النفط. يُذكر أن وزارة المالية أكدت في بيان أمس أن وكالة «فيتش» عدلت نظرتها المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، مشيرة إلى أن التخفيض الأخير في التقييم السيادي اعتمد على تحليل كمي ومؤشرات رقمية.