نحن لا نختلف عن غيرنا من الشعوب التي تعتمد تصفح محرك البحث قوقل بحثاً عن (المعلومة الطبية)، رغم أننا لا نملك حتى الآن أي دراسة ميدانية تُفصل في المسألة وآثارها، إلا أنني ومن خلال لقائي بمجموعة من الأطباء في المستشفيات الخاصة، أستطيع القول بأن 6 من بين كل 10 مرضى يزورونهم، بحثوا عن المرض في قوقل قبل التوجه للطبيب، أو عبر هواتفهم الذكية أثناء الانتظار في المستشفى. هؤلاء الأطباء يُشجعون على (التثقف) الطبي كونه يختصر خطوات العلاج، ولكنهم في ذات الوقت يحذّرون من (التفقه) فيه، والمقصود أن يتحول البحث في قوقل إلى ما يشبه التشخيص الذاتي، والاستغناء عن الذهاب إلى الطبيب أو استشاراته..! إحدى الدراسات كشفت أنَّ 72 % من الأمريكيين يُبالغون بالبحث في الإنترنت عن معلومات حول ما يشعرون به من أعراض، وهو ما تسبب في إنفاقهم أكثر من 20 مليارات دولار عام 2016م نتيجة استشارات طبية غير ضرورية، وعلى النقيض من ذلك يبدو البريطانيون، بحسب دراسة أخرى تشير بأن نصف المرضى هناك يكتفون (بالقوقلة الطبية) لتفسير الأعراض والبحث عن العلاج، ولا يذهبون للطبيب إلا في الحالات النادرة .. الشبكة العنكبوتية مليئة بالمعلومات الطبية المغلوطة، خصوصاً تلك المواقع غير الموثوقة، أو عند الترجمة الخاطئة من أبحاث ومراكز طبية عالمية، إضافة للتجارب الشخصية - غير العلمية - المنشورة والتي تسببت في أضرار ومضاعفات طبية لكثير من المُستخدمين، وإن كانت جميع الدراسات الغربية تنصح بالبحث أولاً عن الأعراض وتفسيراتها قبل التوجه لاستشارة الطبيب.. باحثون بكوريا الجنوبية قاموا - قبل أيام - بتحليل المعلومات الصحية التي يقدمها 120 موقعاً إلكترونياً حول أمراض بسيطة مثل الحساسية والتهاب الأنف، ووجدوا أن غالبية الأدوية المنصوح بها تتسبب بمُضاعفات طبية لم يتم ذكرها للمُتصفح، كما لم ينجح سوى 13 تطبيقاً فقط من بين 877 تطبيقاً غربي في تقديم معلومات دقيقة حول الأمراض المُنتقلة جنسياً والعدوى التناسلية.. ما بين هذا وذاك لا يمكن - حتى الآن - تحديد التصرف المثالي؟! وزارة الصحة لدينا تبدو صامتة تجاه مثل هذا السلوك، ولا بد أن يكون لها موقف واضح في المسألة، خصوصاً أن القاعدة الشعبية تصف البحث في قوقل بأنه يثقفك، وربما يحميك من استغلال بعض المستشفيات والأطباء، ولا أحد يتذكر أن ذلك قد يعرض حياتك للخطر؟! وعلى دروب الخير نلتقي.