كنت بجانب أصغر الأبناء في سيارته هذا الصباح ليصحبني لمشوار لإحدى المكتبات. عندما التفت إليّ وقال: أبوي ألا تلاحظ شيئاً في الشارع؟ قلت بالطبع يا أبي إنه خالٍ من الكثير من السيارات التي كانت تزاحم بعضها بعضاً في الحصول على موقف لها.. فتبسم وقال. طيب في نظرك هل الإجازة وراء ذلك.؟! أجبته وأنا أربط الحزام بالتأكيد.. الناس تحتاج بين فترة وأخرى للراحة وحتى السفر داخل المملكة؛ فكثير من سكان أغلب المدن خصوصاً في العقود الأخيرة باتوا خليطاً.. فأنت تجد أبناء العديد من المناطق يتشاركون في السكن في هذه المنطقة أو تلك المحافظة لظروف أعمالهم أو لتجارتهم أو لدراسة أبنائهم.. وعندما عدت من المشوار بدأت أكتب هذه الإطلالة عن الإجازة ودورها في حياة المواطن. وكانت هذه الصحيفة «الجزيرة» قد كتبت خلال العقود الماضية العشرات بل مئات من المواضيع والتحقيقات والمقالات التي تتحدث عن أهمية الإجازة.. هناك من يدعو لقضاء الإجازة في ربوع الوطن.. وذاك كتب عن أهمية العمرة خلال الإجازة.. وثالث ناقش إيجابيات قضاء الإجازة مع الإسرة والاستمتاع بمشاهدة مدن لم يسبق أن شاهدها الأبناء والبنات بل وحتى الأباء والأمهات أنفسهم.. ولا يختلف اثنان على أن الإجازة مع الأبناء لها أهميتها في تجديد الحياة في نفوس الجميع.. حتى إن الخروج من البيت أو المدينة لمدن أو مناطق مجاورة ولو ليوم واحد مهمة لجميع أفراد الأسرة كبيرهم وصغيرهم لأن الوالدين يكونون مشغولين طول الأسبوع في العمل ومشاغل الحياة الكثيرة ولكن تأتي إجازة منصف العام أو الربيع لتغير من روتين الحياة اليومية الرتيبة والمكررة ويجتمع شملهم في مكان آخر في خيمة أو منتجع على البحر أو حتى في الصحراء وما أروع الصحراء هذه الأيام المشبعة بالربيع. وكم هو جميل عندما يكون الجميع في صحة وخير، تحت سماء الوطن يتنفسون هواء الأمن والاستقرار وفي جو أسري جميل عابق بالذكريات الممتعة يتسامرون ويتضاحكون مع بعض وينسون تعب العمل والدراسة وغيرها من أمور الحياة.. بل إن هذه الأيام ومع انطلاق العديد من المهرجانات التي أحسن توظيفها وحتى انتشارها في مناطق ومحافظات المملكة.. كان لها دور فاعل ومتميزا في الحد من السفر للخارج حتى للدول المجاورة. فمع برامج الترفيه التي انطلقت مؤخراً لتساهم في الترفيه عن المواطنين والمقيمين ولتنشر الوانا من الفرح والمرح والبهجة والسعادة في نفوس الجميع ولتزيد من جرعات الثقافة والتراث وحتى الفنون كل هذا ساهم بحق في توجه المواطن لقضاء اجازة هذه الايام داخل خيمة وطنه الكبير.. «والصورة المرفقة من محافظة النعيرية؛ مدينة الربيع والأصالة والكرم.. ومواطنوها الطيبون الذين يتسابقون في الحفاوة بكل زائر لمحافظتهم المتنامية».