إتحاف الورى بأخبار أم القرى لمؤلفه النجم عمر: وهو محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن فهد القرشي الهاشمي المكي، وقد اشتهر بعمر وترجمته كتب التراجم ضمن من اسمه عمر، ولد بمكة سنة 812 ه ونشأ نشأة علمية، حفظ القرآن الكريم ودرس الحديث على يد والده، كما درس الفقه الشافعي والحنبلي، وبرع في النحو ومتونه حفظاً ودراسة على شيوخ مكة المقيمين بها والوافدين إليها، فتطلعت نفسه إلى حضور مجالسهم والأخذ عنهم في بلادهم، فرحل إلى مصر سنة 835 والتقى بشيوخها ولازمهم خاصة ابن حجر، كما رحل إلى الشام بمدنها المتعددة وأخذ عن شيوخها، وعاد إلى مكة سنة 838، وأصبح بيته في مكة مقصداً للعلماء وطلاب المعرفة. ولقد أثنى عليه شيوخ العصر في العلم، ووصفوه بما يرفع قدره، قال عنه برهان الحلبي: «إنه قرأ علي شيء كثيراً جداً واستفاد وكتب الطباق والأجزاء ودأب في طلب الحديث وقراءته سريعة وكذا كتابته»، وقال زيد الدين رضوان بن محمد العقبي: «إنه نشأ في سماع الحديث بمكة على مشايخها والقادمين إليها من البلاد ثم رحل إلى الديار المصرية فأكثر بها من العوالي وغيرها وساق أخبار رحلته»، وكتب إليه الحافظ ابن حجر: «وقد كثر شوقنا إلى مجالستكم وتشوقنا إلى متجدداتكم، ويسرنا ما يبلغنا من إقبالكم على هذا الفن الذي باد حماله، .....» وبالجملة فقد كانت أوصاف العلماء له تدور حول صدق اللهجة ومزيد النصح وعلو الهمة وطرح التكلف والعفة والشهامة وعدم مزاحمة الرؤساء والتواضع وإكرامه للغرباء والوافدين. توفي ابن فهد سنة 885 بعد أن ترك لنا كنزاً ثميناً من العلم حيث ألّف ابن فهد في الحديث والتاريخ فمن مؤلفاته: التبيين في تراجم الطبريين، وتذكرة الناسي بأولاد عبد الله الفاسي، والدر الكمين الذيل على العقد الثمين، والسر الظهيري بأولاد أحمد النويري، ونور العيون مما تفرق من الفنون، وكتاب عن بني فهد، وكإتحاف الورى بأخبار أم القرى. وكتابه إتحاف الورى يتناول أحداث مكة وبيت الله الحرام وكل ما حدث بشأنه منذ عام الفيل مروراً بالسيرة النبوية حتى عام 885 ه وكل ما تجدد في المسجد الحرام، وكل ما طرأ على مكة من حرب وسلم، وغلاء أو رخص، وما نزل بها من أمطار وسيول، وما حدث فيها من أوبئة أو أمراض، ومن مات بها من الأعيان وما وقع بها من الحوادث، والحج ومواسمه وأمراؤه ووصف حج السلاطين والملوك وعلية القوم، وذكر أمراء مكة وقضاتها، وبالجملة فهو يقدم صورة واضحة عن مكةالمكرمة وأعمالها من النواحي السياسية والاجتماعية والثقافية والعمرانية والإدارية والاقتصادية في فترة واسعة من التاريخ، متبعاً في ذلك المنهج الحولي ويتضمن الجزء الأخير فهارس الآيات القرآنية والأحاديث والآثار النبوية وفهرس الأشعار وفهرس أعلام الرجال وفهرس أعلام النساء وفهرس الأماكن والبلدان وفهرس المصادر والمراجع. وابن فهد هو أحد المؤرخين الذين أرّخوا لمكة في الحقبة التي تقع بين 830-885 ه حيث لا يوجد سوى ما كتبه المؤرخ أبو ابلقاء محمد بن أحمد بن الضياء القرشي المتوفى سنة 854 ه ضمن مخطوطته عن تاريخ مكة والمسجد الحرام، ومن هنا تأتي قيمة كتاب إتحاف الورى بأخبار أم القرى لعمدة المؤرخين لما بعد زمن التقي الفاسي.