وبعد كل هذا أود من كل دارس يود أن يتوصل إلى معرفة منيع بن سالم وراشد الخلاوي أن يتتبع الأحداث التي ذكرها المؤرخون وهي: 1058ه شاخ دواس بن معمر في السابع من ذي القعدة. 1059ه شاخ محمد بن معمر في العينة . 1069ه نزل الشريف زيد بن محسن بين التويم وجلاجل 1071ه طلع زيد بن محسن الطلعة الثانية. 1077ه مات زيد بن محسن.. 1081ه ظهر براك بن غرير. 1093ه صال محمد بن غرير على اليمامة. 1105ه سعد بن زيد في نجد. 1108ه سنة الأبرق بين الفضول والظفير. 1129ه مات الشريف سعيد بن زيد. 1134ه توفي الشيخ منيع بن محمد العوسجي. 1095ه ناوخ اليمامة محمد آل غرير وسطو على زامل بن فارس وملك دواس بن عبدالله بن شعلان. مع نظر ابن بشر سوابق 1063ه والمنقور سنة 1120ه وهذا هو الأهم. وقال سعد في الحلقة الثالثة والأخيرة تحت عنوان فضفاض (البحث العلمي ليس ترديداً لأقوال الآخرين والانحياز لها دون دليل!!). عنوان جميل.. لأنه ينم عن خلفية تدلل على مفهوم منهجه وأقول: البحث العلمي يقوم على دراسة ما ورد من أقوال المؤرخين وفك رموزها بالدليل أو الأدلة التي اعتمدها من سبقونا بالبحث والتدقيق والفهم الحقيقي الواضح وليس (بالسياق المعنوي) الذي تعتمد عليه وما هو إلا تصحيف وتحريف تقوم عليه الحجج الواهية.. ولما قال الخلاوي: محا الله سعد يا منيع وقومه كما قد محا من صفحة اللوح كاتبه ذكر اسم معاصر له لم يصحف ولا يحرف مثلما ورد في تصحيف حجتك بقصيدة مبارك الأعرج وذكر سعد ليس قولاً ظنياً كما تقول بل ذكر علم.. أما بخصوص رد الزميل سعد على عدم إيراده الأبيات متوالية كما وردت في شعر الخلاوي قال: (لقد أشرت لذلك في مقدمة الأبيات ص56!) انتهى. وأقول يا سعد: بعد الرجوع إلى ص56 أجدك تشير إلى فروسية الخلاوي وليس كما أردت تمريره على القارئ حفظك الله ولأنني أدرك أنك تبحث عن مخارج فقط للخروج من المأزق لن أقف على ابن فايد!! وسأقف معك على قولك محمد بن راشد الخلاوي العجلاني، لأن الأستاذ الباحث علي الصيخان كفاني مؤنة الرد على هذه النقطة في ما كتبه بمجلة الدارة ص199 عندما سجل بعض الملاحظات وأهمها ماجاء عن محمد بن راشد الخلاوي ومنيع بن سالم قال علي لا فض فوه: أما أهم الملاحظات والأخطاء التفصيلية فإنني سأتناول منها نقطتين فقط، وذلك لأن المقام لا يسمح بالإشارة إلى جميع الملاحظات. أولاً لقد ذكر الكاتب في ص74 من كتابه النتيجة الآتية وميزها بالخط العريض للدلالة على أنها هي زبدة الكتاب، حيث قال: «مما سبق يرجح لدينا أن الشاعر راشد الخلاوي هو أبو محمد راشد الخلاوي العجلاني من ولد عبدالله بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة من هوازن، عاش القرن الثامن الهجري ومطلع القرن التاسع الهجري اشتهر بصحبته لمنيع بن سالم أحد أمراء آل مانع من بني عصفور من بني عقيل». أ.ه. وللرد على ما قرره في نتيجته تلك أقول: إن منشأ هذا الوهم الذي وقع فيه المؤلف من الترجمة التي وجدها عند السخاوي لأحد الأشخاص، واسمه محمد بن راشد الخلاوي العجلاني، وقد نقلها المؤلف في كتابه(7) وبني عليها النتائج السابقة واللاحقة للأدلة؛ لكي يثبت ما ذهب إليه في نتيجته تلك، ومن المفارقات العجيبة أن مفتاح حقيقة ترجمة تلك الشخصية موجود في الترجمة نفسها التي ذكرها السخاوي في كتابه «الضوء اللامع»، ونقلها عنه المؤلف دون أن يفطن لذلك المفتاح. قال السخاوي: «محمد بن راشد الخلاوي العجلاني أحد القُواد، مات في جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين (857ه) بالليث من بلاد اليمن أرخه ابن فهد(8)، ولننظر إلى ترجمة هذه الشخصية عند ابن فهد التي نقلها عنه السخاوي كما نقل عنه تراجم معظم المكيين في القرن التاسع الهجري، وذلك بحكم المعاصرة والقرب المكاني لابن فهد، وهو النجم عمر بن فهد الهاشمي المكي، المولود في مكةالمكرمة عام 812ه، والمتوفى بها عام 885ه، وله عدد من المؤلفات من أشهرها كتابه الحافل «إتحاف الورى بأخبار أم القرى»(9) يقول ابن فهد: «محمد بن راشد الحلاوي «ضبطها بالحاء المهملة وليست بالخاء المعجمة كما عند السخاوي» العجلاني في يوم الأربعاء تاسع عشر جمادى الآخرة (857ه) بالليث»(10) كما ترجم له عمر بن فهد في كتابه الآخر وهو «الدر الكمين بذيل العقد الثمين»(11)، فقال: «محمد بن راشد الخلاوي (ضبطت هنا بالخاء المعجمة) العجلاني القائد مات يوم الأربعاء تاسع عشر جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وثمانمائة بالليث من أعمال اليمن ودفن به»(12)، فتبين لدينا أن السخاوي قد نقل ترجمة محمد بن راشد من كتاب «الدرالكمين» للنجم عمر بن فهد، وليس من كتابه «إتحاف الورى» وذلك للتطابق الكبير بين الترجمتين في كتاب السخاوي «الضوء اللامع» وكتاب ابن فهد «الدر الكمين». وأما ضبط الاسم هل هو «الحلاوي» أو «الخلاوي»؟ فأقول: إن السخاوي ناقل - كما صرح - عن أحد كتب ابن فهد وهو «الدر الكمين»؛ لذا فهو لم يأت بالترجمة استقلالاً من مصدر آخر غير ابن فهد، فلا يصح أن يعتبر قول السخاوي مرجحاً، لأن الخلاف وقع في كتب النجم ابن فهد نفسه؛ لذا فإن المنهج العلمي السليم يقرر أن يقدم الكتاب الذي حُقق على أكثر من نسخة وهو كتاب «إتحاف الورى» على الكتاب الذي لم يحقق إلا على نسخة وحيدة ليست هي نسخة المؤلف وهو كتاب «الدر الكمين»؛ لذا يتضح لنا أن صحة ضبط نسبة محمد بن راشد هي «الحلاوي»(13)، بالحاء المهملة وليس الخلاوي التي تلقفها المؤلف، فبنى عليها سلسلة من الاستنتاجات في التاريخ والأنساب في دراسته عن الشاعر راشد الخلاوي. أما مفتاح الترجمة الذي غفل عنه المؤلف فهو قول المترجمين إن محمد بن راشد الحلاوي كان قائداً أو أحد القُواد، والقائد هو اسم لوظيفة يطلق على من يتولى قيادة الجيش، وقد استعمل أيضاً لقباً فخرياً(14)، والقائد عند إشراف مكةالمكرمة لا يكون في الغالب إلا في مواليهم، ويدل على ذلك قول المؤرخ علي بن عبدالقادر الطبري (ت 1070ه): «متولي هذا المنصب من قُواد الأشراف أمراء مكة، لا يكون إلا في عبيدهم وأولاد عبيدهم»(14)، لذا فإن هؤلاء القواد ينسبون إلى أسيادهم من الأشراف حكام مكةالمكرمة، فقد سمت لنا كتب التاريخ والتراجم مجموعات كثيرة منهم تنسب كل مجموعة في الغالب إلى سيدها، فهناك القواد الحميضات، نسبة إلى سيدهم أمير مكة الشريف حميضة بن أبي نمي الأول القتادي الحسني (ت 720ه)، وهناك القواد العمرة، نسبة إلى جدهم عمر بن مسعود المكي أحد موالي أمير مكة الشريف الحسن بن علي بن قتادة الحسني(13) (ت651ه) والقواد ذوو عجلات نسبة إلى أمير مكة الشريف عجلان بن رميثة بن أبي نمي الأول القتادي الحسني (ت 777ه)، الذين منهم صاحب الترجمة محمد بن راشد الحلاوي العجلاني القائد، الذي جعله المؤلف من بني العجلان من ولد عبدالله بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وجعله ابناً للشاعر راشد الخلاوي. في حين أنه من موالي الشريف عجلان بن رميثة وأحد قواده، حيث نسب إليه فأثبت مترجموه تلك النسبة فقالوا (العجلاني). وهذه قائمة بمجموعة من موالي الشريف عجلان، المنسوبين إليه، وعددهم عشرة ذكرهم الحافظ السخاوي في كتابه «الضوء اللامع»، أنقلها هنا بتصرف يسير؛ للاختصار: 1 - جماز بن مفتاح العجلاني: أحد القُواد، مات في ذي الحجة سنة ثمان وأربعين (848ه)(14). 2 - جوهر العجلاني: نسبة لعجلان بن رميثة، مات سنة تسع (809ه) أو عشر (810ه)(15). 3 - حسب الله بن محمد بن بركوت الشبيكي(16)، العجلاني القائد: مات سنة سبع وأربعين (847ه)(17). 4 - حسن بن قراد العجلاني المكي القائد: مات سنة ثمان وأربعين (848ه)(18). 5 - سعيد جبروه العجلاني القائد: مات سنة تسع وثلاثين (839ه)(19). 6 - علي بن راشد بن عرفة نور الدين العجلاني القائد: مات سنة ست وستين (866ه)(20). 7 - علي بن محمد بن بركوت الشبيكي(12) المكي العجلاني: أحد القواد بها، مات سنة اثنتين وخمسين (852ه)(22). 8 - علي بن ياقوت العجلاني أحد القواد، مات بمكةالمكرمة سنة ست وسبعين (876ه)(23). 9 - محمد بن بركوت الشبيكي العجلاني القائد: مات بمكةالمكرمة سنة اثنتين وثلاثين (832ه)(24). 10 - محمد بن مسعود القائد جمال الدين العجلاني: مات سنة خمس وخمسين (855ه)، باليمن صوب حلي ودفن هناك(25). وفي ختام هذه الملحوظة أقول: لقد ذكر الشيخان عبدالله بن محمد البسام (ت 1346ه) صاحب كتاب «تحفة المشتاق»، وصالح بن عثمان القاضي (ت 1351ه) في أثرين مخطوطين لهما (26) أن وفاة الشاعر راشد الخلاوي كانت في حدود عام 1010ه، كما ذكر الشيخ النسابة إبراهيم بن عيسى (ت 1343ه) في أحد أوراقه المخطوطة أن راشد الخلاوي من بني هاجر من قحطان(27)، فلعل المؤلف الكريم يستفيد مستقبلاً من هذه الآثار المخطوطة لهؤلاء العلماء الأجلاء. ثانياً: ذكر المؤلف أن منيع بن سالم ممدوح الخلاوي من آل مانع من بني عصفور من بني عُقيل، بناءً على ما قرره من أن عصر الخلاوي في القرن الثامن الهجري؛ لذا قرر بالتبعية أن منيع بن سالم من آل مانع العصفوريين، وأنه ابنٌ مباشر لهم؛ وذلك حتى يتم التواؤم بين الخلاوي وممدوحه منيع، وأنهما عاشا في عصر واحد، وللرد على هذا أقول: إن مؤرخي القرن الثامن الهجري قد احتفوا كثيراً بعرب البحرين من العُقيليين، فترجموا لأعداد ليست بالقليلة منهم، فأين هو ذكر منيع بن سالم فيها إن كان ابناً مباشراً لهم؟ خاصة إذا علمنا أنه ليس بشخص مغمور، بل هو من الشخصيات النابهة، فمن أولئك المؤرخين ابن فضل الله العُمري (ت749ه) في كتبه: «مسالك الأبصار» (ط)، و«التعريف بالمصطلح الشريف» (ط)، و«ذهبية العصر» (خ)، وابن ناظر الجيش (ت786ه) في كتابه «تثقيف التعريف» (ط)، والحافظ ابن حجر (ت852ه) في كتابه «الدرر الكامنة» وغيرهم. فمن مراجعة هذه الكتب لا نجد أي ذكر لمنيع بن سالم، فهو لم يكن موجوداً في العصر الذي حدده المؤلف الكريم، فقد ذكر الدكتور عبدالكريم الوهبي في كتابه «إيالة الحسا»، نقلاً عن وثيقة عثمانية مؤرخة في الأول من رجب من عام 959ه، أن في قبيلة العماير القاطنة في شرق جزيرة العرب (القطيف) فرعاً يقال لهم آل مانع (28)، قلت: لعل منيع بن سالم من ذلك الفرع، ولا أجزم، والله أعلم. وفي ختام هذا التعليق أقول إن عصر الشاعر راشد الخلاوي ونسبه لا يزالان محاطين بهالة كبيرة من الغموض، لعل من قابل الأيام مما سيخرج من الآثار المخطوطة تجلية لذلك الغموض وتوضيحاً له، والله أعلم وأحكم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وبعد ذلك أقول: خلاصة: منيع بن سالم قومه (منيعية) وقد كان عزيزاً عند قومه لكرمه وهو لا نستطيع الفصل في نسبه هل من آل جبر أومن الجبور أو من بني حنيفة أو من آل أبي حنيفة أو من تميم أو من آل مغامس.. الأهم من ذلك أنه صاحب شأن في وادي حنيفة ويستمد قوته من آل منيع المخاريم والرابط بينهم لم نقف على أنه منهم أو أنهم أخواله ولكنه صاحب مكانة رفيعة لديهم حتى ثار عليه زيد وصاحبه.. وأسقطوه من عرش مكانته. وثبت لدي بما لا يدع مجالاً للشك أن الخلاوي كان حياً عام 1120ه ولكن في فمي ماء قد شرب منه الذكير غفر الله للجميع. وأقول: في الرد الأخير أود أن يتسع صدرك لملاحقة الأقلام للأثر الذي ألفت عنه زادك الله وزادنا بسطة في العلم وجعل فيما نكتب ونلاحظ ما يصب في مصلحة المعرفة والوصول إلى الحقيقة. هامش: (1) من أمثلة التحريف قال حميد بن زريق في السيرة الجلية إن الشنفري قال: تولول أن قد علا دهرها بريب المكاره «بالأروع» وقال محقق المخطوطة عبدالرحمن السالمي: الصحيح (الأورع) الواو قبل الراء (2) أما أمثلة التصحيف ورد في المسيرة الجلية قول ابن زريق «فأنكحه ابنته» وكتبها ابن زريق «فأنكحه ابنته» وقوله: أرخوا شراع سفنكم كتبها (سننكم). (3) تحفة الأزهار وزلال الأنهار في نسب الأئمة الأطهار المجلد الثاني القسم الأول. (4) ابن منظور الجزء الرابع ص 2427. (5) الدارة العدد الرابع السنة السادسة والثلاثون شوال 1431 ص198. (6) ديوان الشعر النبطي للجزيرة العربية في القرن التاسع (البرت سوسين). (7) المرجع السابق.