يتم غداً، الجمعة 20 يناير، تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، وسط ضجة إعلامية وديمقراطية كبيرة، وكمتابع للحراك السياسي الأمريكي عموماً، ولهذه الانتخابات، على وجه الخصوص، فإنَّ الإعلام الأمريكي لم يكن محايدا، ووقف بكل قوة، ضد ترامب، منذ اللحظة التي أعلن فيها عن ترشحه، وكان هذا الانحياز الإعلامي غير مسبوق، والغريب في الأمر، هو أن ترامب كسر كل القواعد، إِذْ كلما ازداد انحياز الإعلام ضده، زاد تمسك أنصاره به، فقد استطاع أن يجندل كل المرشحين الجمهوريين، واحدا بعد الآخر، وذلك في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، ويخرجهم من حلبة السباق، ليصبح نجم المشهد بلا منازع. مع بداية الحملة الجمهورية لانتخابات الرئاسة، كان الجمهوريون يدعمون أسماء جمهورية بارزة، مثل حاكم ولاية نيوجرسي، كريس كريستي، وعضو مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس، تيد كروز، وزميله عن ولاية فلوريدا، ماركو روبيو، والأهم، كان سليل البيت السياسي، وابن وأخ رئيسين سابقين، أي جيب بوش، حاكم ولاية فلوريدا السابق، وقد استطاع دونالد ترامب، رجل الأعمال، القادم من خارج المؤسسة السياسية، أن يهزمهم جميعا، ويفرض نفسه مرشحا رسميا للحزب الجمهوري، ما جعل الحزب يتبنى هذا الترشيح، والذي تقف وراءه قاعدة الحزب الشعبية، وقد حدث ذلك، رغم انحياز الإعلام، ورغم معارضة بعض الأسماء الجمهورية البارزة له، مثل الرئيس السابق، بوش الأب، والحاكم والمرشح الجمهوري السابق، ميت رومني، ثم واصل ترامب طريقه بين الأشواك، حتى فاجأ الجميع بفوزه بالرئاسة، وسط صدمة معارضيه وخصومه، الذين لم يفيقوا من الصدمة حتى اليوم. من يتابع الإعلام الأمريكي هذه الأيام، يعتقد أن أمريكا كلها تقف ضد الرئيس ترامب، وهذا غير صحيح، فالواقع هو أن هناك شرائح واسعة من الشعب الأمريكي صوتت له، ولا تزال تدعمه، ودونكم الضجة الإعلامية، حول تصريح عضو الكونجرس، الديمقراطي جون لويس، الذي شكك في فوز ترامب!، وأعلن مقاطعته حفل التنصيب، فقد تعامل الإعلام مع تصريحات لويس على أنها صحيحة، وأن روسيا بالفعل تدخلت، وحرفت نتائج التصويت لصالح ترامب!، وهذا غير صحيح، إِذْ رغم أن روسيا تدخلت، حسب الاستخبارات الأمريكية، إلا أنه لم يثبت، حتى الآن، ما يشير إلى تأثير ذلك على نتائج الانتخابات، وهذا الأمر يعتريه الكثير من الغموض. يجب ألا يعنينا ما يجري حالياً من مناكفات، بين الحزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، بخصوص التدخل الروسي، أو غيره من القضايا، فما يهمنا هو أن دونالد ترامب هو الرئيس الأمريكي القادم، وبالتالي يجب أن ينصب كل اهتمامنا على إعادة العلاقات السعودية - الأمريكية إلى سابق عهدها، أي ما قبل مرحلة الرئيس اوباما، وكل الدلائل تشير إلى أن هذا سيحدث قريبا، حيث إن الرئيس ترامب، وأركان إدارته، يدركون أهمية المملكة، سواء فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، أو الحرب على الإرهاب، أو الدور الكبير، الذي تقوم به المملكة عالميا، بحكم ثقلها السياسي والاقتصادي والديني، وشخصيا أشعر بأن فترة الرئيس ترامب، مهما قال عنه خصومه، ستشهد انفراجا وازدهارا للعلاقات السعودية - الأمريكية، وإن غدا لناظره قريب.