تُعدّ دراجة الفيسبا النارية بالنسبة إلى الإيطاليين رمزاً للنشاط والحياة الحديثة وصورة مثلى عن «الدولتشي فيتا» (الحياة العذبة) التي تزهو بمباهج الحياة الجميلة. فقد استطاعت دراجة الفيسبا بهيئتها البسيطة والمثيرة والجذابة أن تغزو شوارع العالم حاملة معها خلاصة الأناقة الإيطالية، وهذا ما يتجسَّد في تعلُّق الإيطاليين بها كوسيلة نقل حديثة وعصرية حد الراهن. إذ يشاهد الزائر إلى مدينة روما العديد من المحلات والمطاعم والفنادق التي تصطف أمام مداخلها دراجات الفيسبا النارية للكراء. يعتبرها التجار أداة لإغراء المارة والسياح، كمحل البوضة الذي يملكه السيد جوفاني نابوليتانو الذي اصطحبنا إليه فوجدنا أمام دراجة الفيسبا طابور طويل من السياح يسارعون لامتطائها لالتقاط صور تذكارية وهم يتناولون البوضة، وبحسب رأي صاحب المحل تساهم دراجة الفيسبا في تسويق بضاعته وفي الترويج للصناعة الإيطالية أيضاً رددت السائحة الأمريكية هيلاريا التي التقيناها داخل محل البوضة وقد صعدت فوق دراجة الفيسبا وهي تتناول البوضة بشره في عز الشتاء، أريد أن ألتقط صورة على متن دراجة الفيسبا تقليداً للممثلة أودري هابيرون التي أدخلت هذه الدراجة إلى قلوبنا عن طريق فيلمها الشهير، وهي تقود الدراجة في شوارع روما وجعلتنا نحبها ونحبذ الماركة الإيطالية ونتشوق لالتقاط صورها. وللتذكير أنه بدأ تسويق الفيسبا قبل 70 عاماً، إثر استخدامها في الأعمال السينمائية مثل فيلم «رومان هوليداي» (عطلة رومانية)، حيث تنزهت أودري هابيرون وغريغوري بيك على متنها في شوارع روما سنة 1953. بيعت حينها أكثر من 100.000 فيسبا. وقد تمكنت دراجة الفيسبا التي تأخذ اسمها من اسم حشرة الدبور أن تنحت لنفسها اسماً يضعها في قائمة لوائح الماركات التجارية المميزة في العالم. وكانت شركة بياجو قد صنعت دراجة الفيسبا النارية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وبسبب تعطل المصانع الكبيرة. قرر إنريكو بياجو صاحب شركة بياجو حينها اختراع دراجة السكوتر فيسبا لغرض مزدوج، لتوفير وسيلة نقل رخيصة وللحفاظ على سلامة العمال والآلات المستخدمة في الوقت نفسه. ورغم أن المهندسين في بياجو لم يخترعوا دراجة السكوتر لأول مرة، إلا أنهم كانوا بلا شك من أعادوا اختراعها وتصميمها وإطلاقها في السوق. بدأت في الخمسينيات تُصنّع في عدد من دول العالم بموجب ترخيص من الشركة الأم، حيث صُنّعت في ألمانيا وبريطانيا وفرنا وبلجيكا وإسبانيا. وفي الستينيات بدأ إنتاجها في كل من الهند والبرازيل وإندونيسيا، وبحلول عام 1968 بلغ عدد دراجات الفيسبا المباعة مليونين ما ساعد على تسويقها كرمز للابتكار والحريّة. وفي مطلع التسعينيات وبحلول عام 1992، بدأت الفيسبا تواجه أزمة حقيقية، مع ظهور الدراجات النارية الآسيوية. كانت هذه الأخيرة تتمتع بخفة أكثر وسعر أرخص، تراجعت مبيعات الشركة بشكل كبير وأصبحت بحاجة إلى نقلة كبيرة لإعادة هيبتها في إيطاليا وأوروبا والعالم. سعت لتصغير حجم دراجة الفيسبا وإظهارها كبديل مناسب للطرق الأوروبية المزدحمة، وكانت أفضل النجاحات للشركة عندما تمكنت في عام 2001 من العودة إلى السوق الأمريكية مجدداً لتعتبر الدراجة الأكثر نجاحاً. مع حلول عام 2014 باتت تعتبر الدراجة الأكثر نجاحاً حسب ما ذكره أحد ممثلي فرع شركة بياجو في روما، مؤكداً أنه بالرغم من أن العديد من الشركات صنّعت نماذج مقلدة إلا أن السمعة التي اكتسبتها الفيسبا والطابع الرومانسي الذي صاحبها، جعلها بعيدة عن خطر المنافسة، بل العكس، أضاف قائلاً: إن الفيسبا هي الوحيدة القادرة على منافسة فيراري نظراً لتقدمها عبر السنوات وتطور تصنيعها. هذا وقد كشفت شركة بياجو هذه الأيام نموذجاً كهربائياً من دراجات الفيسبا يُزمع تسويقه مع نهاية العام 2017 حسب بيان المجموعة، ولم تقدم الشركة تفاصيل أخرى حول مواصفات هذا النموذج أو سعره، وللتذكير فإن أسعار النماذج الحالية من دراجات الفيسبا تتراوح ما بين 3500 و5500 يورو في إيطاليا. فالفيسبا هي مثال للأناقة الإيطالية بألوانها وخطوطها المنتظمة، وبما أنها جزء من الموضة فقد قام المصمم الإيطالي العالمي ماركو تيرانو بالتعاون مع شركة بياجو بصنع دراجة تميزت بجلدها البني المفصل وبمجموعة إكسسواراتها المختلفة، فقد أصبحت الدراجة جزءاً من ثقافة بعض البلدان كأمريكا وكندا واليابان وبلدان أوروبية أخرى، وليس فحسب في إيطاليا، حيث توجد أنواع مختلفة وأحجام متنوعة مخصصة للشباب أو العائلات.