في مساء يوم الأربعاء 15 - 3 - 1438ه تلقيتُ خبر انتقال أخي وشقيقي سليمان بن علي بن زيد الدريهم إلى رحمة الله تعالى. وكان لهذا النبأ وَقْع مؤلم ومحزن وموجع لقلبي، وكدر خاطري؛ فمشاعر الحزن والأسى جعلتني لا أستطيع أن أعبّر عن أحاسيسي في مصابنا الذي حلّ بنا، ولكني تذكرتُ قول الله تعالى {... فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}، وحمدت اللهَ على قضائه وقدره، واسترجعتُ، وتذكرتُ قوله تعالى: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. ثم تذكرت قول الشاعر: بأي كلمات أرثيك، وعن أي صفاتك ومناقبك أتحدث عنك؟.. فقد حباك الله خصالاً حميدة وسمات جليلة، التي منها سلامة الصدر والقلب وطيب النفس ولين الجانب وحسن التعامل وطيب الكلام وجميل المزاح.. يأنس كل من يجلس معك بأحاديثك الشيقة التي لا فيها تكلُّف ولا رياء ولا سمعة، وكلها صدق ومحبة، وكنتَ -رحمك الله- محباً محبوباً، هاشاً باشاً بشوشاً والابتسامة لا تفارق محياك، رغم ما تعانيه من ألم ومرض مزمن، استمر معك سنوات عدة، وما كنت تعانيه من مراجعات متكررة للمستشفيات، ومع ذلك كنت صابراً محتسباً، جعل الله ذلك في ميزان حسناتك يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون. لقد تذكرتُ تلك الأيام الجميلة أيام الطفولة ومراتع الصبا، وما يتخلل تلك الأيام من لهو ومرح ومزاولة بعض الألعاب المنتشرة في ذلك الوقت. ولقد مر بي شريط الذكريات في أيامنا الأولى التي كنا نعيش فيها بين أحضان والدَيْنا، وتذكرت مراتع الصبا ومدارجها وملاعبنا والحياة المميزة في حي الفرخة بمدينة الدلم رغم قساوة تلك الأيام وشظف العيش فيها. كما أني لم أذكر أنك قد كدرت خاطري منذ صغرنا حتى آخر لحظة من حياتك بأي كلمة تحس الخاطر، وكنتَ دائماً في أيامك الأخيرة تحب التحدُّث عن تلك الأيام الجميلة وعن جيراننا الأوائل في حي الفرخة بالدلم، وتسعد بذكراهم. ثم تذكرتُ بداياتك في العمل وما صاحبها من صعوبات وتحديات، لكن الله بمنه وكرمه يسرها، ثم بدعاء الوالدين، خاصة الوالدة متعها الله بالصحة والعافية. وتذكرتُ بدايات زواجك، وكانت أياماً جميلة لا تنسى، وما مَن الله عليك من ذرية صالحة.. ومرت تلك الأيام الجميلة كلمح البصر، وكان التآلف والمحبة والمودة والاحترام والتفاؤل بيننا كإخوة هو واقعنا الحقيقي. يا أبا علي، لقد بكتك الوالدة، وبكاك جميع إخوتك، وذرفت عيون أبنائك الذين أحببتهم وأحبوك حباً جماً. فراقك يا أبا علي ترك في نفوسنا ونفوس محبيك لوعة وأسى وحزناً، وفقدناك مصاب يكابده كل من عرفك وتعامل معك. وفي الختام أسأله جل في علاه أن يتغمدك بواسع مغفرته، وأن يسكنك فسيح جناته، ويجعل ما أصابك رفعة لدرجتك عند ربك، إنه سميع مجيب الدعوات، وأن يبارك في ذريتك وأبنائك (علي، ثامر وحمد). ولا نقول إلا ما يرضي ربنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.