اللبنانيون وحدهم في العالم العربي نجحوا مُنذ عدة سنوات في استنساخ الحفلات الغربية لفن ال«ستاند أب كوميدي» بكل محاذيره، المجتمع هناك تقبل الأمر، وبات ما يُقدم على «المسارح الارتجالية» مُنسجماً إلى حد كبير مع ما تعرضه الفضائيات من برامج لاذعة وفاضحة تُعرِّي بعض التصرفات بالكوميديا السوداء المتوافقة مع الفن العالمي الذي يعتمد بشكل كبير على «صدم الحضور» بعبارات خارج النص، أو إيحاءات... إلخ، فكيف تبدو المسألة لدينا؟!. برأيي أن هناك «حالة تيَهان» في النسخة السعودية، فما يحدث من أخطاء ترافق عادة عروض ستاند أب كوميدي التي يقدمها شبابنا مؤخراً، تعطي انطباعاً وكأنّ الكوميديان السعودي لا يتمتع «بالفهم الكافي» لطبيعة الجمهور الذي يخاطبه، حتى وهو أحد أبناء المجتمع ذاته, عندما يقع في فخ التقليد مُتأثراً بالصرخات والضحكات والتصفيق، ليتجاوز ويلامس «محظور ما «دينياً؟ اجتماعياً؟ بعبارات بذيئة وخادشة أو حركات و إيحاءات مرفوضة اجتماعياً، بحجة تقديم «فن عالمي» له شروطه وطبيعته ومعاييره التي يجب أن يلتزم بها «المؤدي» من خلال سرد القصص المُضحكة، السخرية من موقف ما، إطلاق النكات الناقدة والواخزة «لقضايا» لا يستطيع المشتغلون بالشأن العام البوح بها أو طرحها بشكل مُباشر!. المسألة بحاجة لمراجعة وضبط، خصوصاً وأنّها آخذة في التطور والانتشار دون أن تكون هناك جهة واضحة مسؤولة عن «المحتوى» الذي يقدمه شباب مُتحمس، مازال معظمهم عاجزين عن تقدير مسؤولية الوقوف الارتجالي «الناقد والساخر» أمام الجماهير، مع انقسام المسؤولية بين الجهات الترفيهية المُنظمة، أمانات المناطق، جمعية الثقافة والفنون، وزارة الثقافة والإعلام؟ ليجد الجمهور نفسه مُضطراً للعب دور «الرقيب» وربما تدخل لوقف العرض، أو رفض سذاجة ما.. كما حدث أكثر من مرة، وهذا أمر غير صحي قد يؤدي «للفوضى والبلبلة» والعشوائية في مناسبات ترفيهية، يفترض أنه تم الإعداد لها بشكل جيد لتكون مُتنفساً «للشباب والعائلات»!. الرقابة المُسبقة تقتل هذا «الفن الحي» القائم أساساً على ردة فعل الجمهور، الجرأة، الارتجال، كوميديا الموقف، البَذاءة أحياناً للوصول إلى أبعاد فنية وثقافية مُحددة، ليبقى السؤال المطروح هل يمكن «سعودة» هذا الفن بكل مساوئه مثلما يحدث فضائياً؟ أم أن الوقت ما زال مُبكراً على تهذيبه على «المسارح» وعلينا التفكير بصيغة تناسب الجمهور المحلي؟!. وعلى دروب الخير نلتقي.