أكَّد صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم أن الإرجاف من أبرز مهددات الأمن الوطني، والسلام الاجتماعي، وهو بكل دلالاته ومعانيه التي تتماس مع النفاق والتخذيل وشق صفوف الجماعة والعبث بعقيدتها، في أي معلومة تسيء للوطن وتهدد لحمته الوطنية، مؤكدًا أن انجراف العامة خلف المرجفين أمر خطير على العقيدة والأمن الوطني، موجهًا انتقادًا لاذعًا للمرجفين لما يتسببوا فيه من نشر ثقافة الإحباط والأكاذيب وتغيير الحقائق وإدمان الانتقاد وجلد الذات وسيطرة المعلومة غير المؤكدة وانجراف العامة خلفهم. ولفت سمو الأمير فيصل بن مشعل إلى أن وطننا يختلف عن سائر الأوطان في طهر أرضه ونقاء أهله وسماحة مجتمعه ووفاء قيادته وتلاحم شعبه على مر التاريخ خلف القيادة، مسجلين أجمل السير في الأمن والاستقرار، وهذا من ذكائهم الاجتماعي الفطري الذي جعل التعايش قيمة سامية تغلق أي ثغرات لاختراق أمننا الفكري والاجتماعي والثقافي والوطني. وأشار سمو أمير منطقة القصيم، إلى أن قضايا التطرف وما ينتج من إرهاب وإجرام بحق الأنفس والمجتمعات والأوطان، جديرة بأن يتم بحثها بصورة شاملة في كل مصطلحاته حتى نسد الثغرات وتغلق أبواب الشر التي تعصف بالمنطقة، وأن نتأسى بالمنهج النبوي الكريم في التعامل مع تحديات الدولة التي بقيت طوال قرون هداية للبشرية، وكان لنا بفضل الله تعالى شرف حمل تلك الأمانة، لتبقى بلادنا منارة للدين القويم ونموذجًا للإنسانية والتسامح وفطنة المسلم وفراسته. وبين سموه أن مباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله- لإقامة مثل هذه الندوة، لننطلق لكل ما فيه خير بلادنا ومجتمعنا والعمل على حمايته من أي مهددات ومخاطر بنهج علمي متطور، منعًا لمساعي المضللين لإحداث الفتنة والاضطرابات وتعطيلاً لكل شر يدبره المرجفون، خصوصًا في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة التي قام الأعداء والسفهاء بتجييش واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي لتفكيك مجتمعاتنا وتشكيك المسلمين والمواطنين في معتقداتهم وقياداتهم وتكريس إدمان الانتقاد بما يحقق مآربهم الخبيثة التي تصب في تنفيذ خططهم بالحرب المعلوماتية المؤثرة، سائلاً الله تعالى أن يهدي المتحدثين في الندوة ويوفقهم لأفضل المخرجات التي تعزز أمننا وتحمي عقيدتنا وتحفظ لحمتنا وسلامة مجتمعنا ووطننا. جاء ذلك في كلمة ألقاها سمو أمير منطقة القصيم خلال رعايته ندوة «الإرجاف، المفهوم الشرعي والأثر الاجتماعي»، التي نظمتها إمارة منطقة القصيم بالتعاون مع نادي القصيم الأدبي مساء الثلاثاء الماضي بمقر النادي الأدبي في مدينة بريدة بمشاركة عدد من طلبة العلم والمختصين والباحثين. من جانبه أوضح رئيس مجلس إدارة نادي القصيم الأدبي الدكتور حمد السويلم في كلمة ألقاها، أن الندوة بدأت كفكرة من سمو أمير منطقة القصيم، وعكف النادي مع بعض منسوبي الإمارة على تحويل هذه الفكرة إلى عمل منجز، لتعزيز الوعي والمعرفة، مؤكدًا أن نادي القصيم الأدبي يشكر لسموه، وينظر إلى هذه الندوة بوصفها نشاطًا يدشن مرحلة من التعاون والشراكة المثمرة بين الإمارة والنادي الأدبي، وسوف يتلو هذه الندوة ندوات أخرى في المستقبل إن شاء الله. وأوضح عضو هيئة كبار العلماء المستشار بالديوان الملكي إمام الحرم المكي الشريف الدكتور صالح بن حميد خلال مشاركته بالندوة التي أدارها الدكتور الأديب حسن الهويمل، أن الإرجاف حرام، بل كبيرة من كبائر الذنوب، لما ينشره من روح الهزيمة والانهزامية واليأس وإيذاء العامة، مستعرضًا صفات المرجفين، وخصوصًا مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الأكاذيب والفوضى، متهمًا متابعيهم بالسذج والمساكين. وبين الاستاذ الدكتور الشيخ عبدالله الطيار عضو الإفتاء بالقصيم، أن مفهوم الإرجاف الشرعي في اللغة الاضطراب، وهو من ملاقيح الفتن، من خلال بث ونشر الأخبار المثبطة والمحبطة لزعزعة المجتمع، مشيرًا إلى أن الإرجاف كبيرة من كبائر الذنوب لما فيه أذية للمسلمين. وقال الشيخ إبراهيم الحسني رئيس المحكمة العامة ببريدة، أن الاشائعات تستهدف الكيانات السياسية بالمقام الأول، وذلك لبث الفرقة لتعم الفوضى وإثارة البلبلة، هدف المرجفون منها النخر في لحمة الأمة، والتأثير على وحدة المجتمع وتلاحمه. وأكَّد الشيخ صالح المغامسي إمام وخطيب مسجد قباء، على أهمية أن تكون الوقاية الثقافية لدى الناس مرتفعة، لأن الجميع مؤتمن على الوطن ولا نكون معول هدم للأمة، لافتًا إلى أن ليس كل من رفع راية الإصلاح صادقًا، منتقدًا المشاهير في وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال حديثهم عن أشياء لايفقهون بها. من جانبه قال الدكتور عبدالرحمن اللويحق عضو هيئة التدريس بجامعة الأمير سلطان، أننا بحاجة إلى مراجعة ثباتنا على الحق، والتمسك فيه، وألا ندع مجالاً للتقصير في ذلك، وألا نلتفت لما يشاع من المرجفين وألا ننساق خلفهم، وقال: «علينا الثبات ولا يستخفنا الذين لا يفقهون». وأقيمت الجلسة الثانية للندوة للحديث عن الأثر الاجتماعي للإرجاف، شارك فيها الدكتور إبراهيم الحميضي الباحث والمتخصص في علوم القرآن، والاستاذ سعود المصيبيح، والباحث الاجتماعي الدكتور سعد المشوح، والباحث الاجتماعي الاستاذ الدكتور إبراهيم الجوير، وادارها الدكتور أحمد الطامي.