تعلن غدا موازنة العام المالي القادم وميزانية العام المالي الحالي، وبالرغم من أن الإنفاق الحكومي الذي يحدد بالموازنات يعد الأساس بالنشاط الاقتصادي لكن لموازنة العام القادم أهمية وميزة مختلفة عن بقية السنوات السابقة واللاحقة بسبب العديد من التغيرات الهيكلية بالاقتصاد المحلي، وكذلك العالمي. فهذه الموازنة هي الأولى عملياً بعد أن شهد العام الحالي في منتصفه اعتماد رؤية المملكة2030 م وبرنامج التحول الوطني2020م أي إنها السنة المالية الأكثر اكتمالا ووضوحا بتوجهات الإنفاق والبرامج والمبادرات طبقا لما اعتمد ببرنامج التحول وكذلك الاعتمادات المالية التي ستتفق لخمس سنوات حتى يتم تنفيذ برنامج التحول والذي قدرت نفقاته بحوالي270 مليار ريال، ولذلك من المتوقع أن تظهر تفصيلات واسعة عن حجم الإنفاق ليس لكل جهة بل ايضا لاعتمادات المبادرات، وستكون الرقابة والشفافية عالية لمعرفة أوجه الانفاق وحجم الإنجاز لكل مبادرة بحسب ما تم الحديث عنه عند تأسيس كل مراكز الرصد لمتابعة المبادرات التي واكبت اعتماد الرؤية قبل حوالي ثمانية أشهر. كما تمثل هذه الموازنة بداية التحول الحقيقي نحو رفع كفاءة الإنفاق وتوجهاته بعد أن تمت هيكلته على مدى العامين الماليين الماضيين، ويفترض أن يتواكب معها وضوح أكثر بدور القطاع الخاص وقدرته على رفع النمو الذاتي له بعيداً عن دور الانفاق الحكومي الواسع خلال السنوات العشر الماضية، ورغم صعوبة التحول السريع نحو نمو لا يشكل الانفاق الحكومي دورا واسعا فيه والحاجة الفعلية للتدرج بخفض الدور الحكومي لكن هذا العام ايضا يمثل بداية التحول المستهدف بالاقتصاد المحلي لنمو ذاتي ودور بارز للقطاع الخاص. كما أن العام القادم سيدخل من بدايته اتفاق منظمة أوبك على خفض الانتاج للنفط بالإضافة للاتفاق مع دول خارج أوبك لخفض الإنتاج حيز التنفيذ ليصل بمجموعه إلى 1،8 مليون برميل يومياً والذي يعني في حال نجاح اول مرحلة منه الممتدة لستة أشهر استقرارا بأسعار النفط بين مستويات 55 الى 61 دولار للبرميل حسب توقعات العديد من المؤسسات المالية العالمية؛ مما سيساعد الدول المنتجة على ضبط إنفاقها تبعا لايرادات مستقرة من النفط بعكس ما حدث العام الحالي من تذبذب ضخم باسعار النفط تراوح ما بين حوالي 27 الى قرابة 53 لخام نايمكس وكذلك برنت الذي يقاربه بالاسعار، وهذا يعني انه يمكن الوصول لتقدير شبه دقيق ليس فقط لحجم الايرادات والنفقات، بل كذلك حجم العجز والقدرة على تغطيته بأريحية وتنوع مناسب مما يساعد على رفع اداء ادارة التدفقات النقدية بالاقتصاد ويشكل عاملاً مريحا للسياسات النقدية خصوصا انه يتوقع ان تستمر وتيرة رفع اسعار الفائدة الاساس بالعام القادم لتصل الى حوالي 1،5% على الاقل، وهذا بدوره يستوجب استقراراً بمعرفة حجم الايرادات لموازنتها مع النفقات العامة والخروج بأفضل النتائج المريحة للاقتصاد. يبقى التحدي الأكبر للموازنة القادمة في مساهمتها برفع معدلات النمو الاقتصادي من جديد وتوليد فرص العمل وخفض نسبة البطالة والمحافظة على القطاع الخاص من أي تداعيات ظهرت بتراجع النمو الاقتصادي لهذا العام الذي تشير التقديرات الرسمية بانه سيكون بمعدل 1،8 % على أبعد تقدير وايضاً كيف يمكن ان تساهم مع القرارات والاجراءات والتوجهات الحكومية بتنشيط الاقتصاد وتحسين نموه، وكذلك البدء بظهور نتائج مبادرات مهمة كالخاصة بزيادة تملك السكن او رفع دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكون بمجمل اهدافها بداية التوجه لتحقيق أهداف برنامج التحول الوطني.