أوضح الأستاذ المشارك في قسم الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور خالد البسام، أن موازنة عام 2009 كانت توسعية، إذ كان هناك عجز بما يقارب 45 بليون ريال، بدليل أن الإنفاق الحكومي ارتفع عما هو متوقع ب 15 في المئة. وأضاف أن موازنة عام 2010 هي أيضاً موازنة توسعية، لأن الإنفاق الحكومي المتوقع 540 بليوناً، في حين أن الإيرادات الحكومية المتوقعة 470 بليون، مع وجود عجز متوقع أن يكون 70 بليون ريال، مشيراً إلى أن التركيز في الإنفاق الحكومي كان بشكل رئيسي على التعليم والخدمات الصحية، ما يدل على أن موازنة 2010 تهدف إلى تطوير العنصر البشري وتنميته، لأن مجموع ما أنفق على الصحة والتعليم يشكّل نسبة كبيرة من الإنفاق الحكومي. من جهته، أكد الخبير الاقتصادي إحسان بوحليقة ل«الحياة»، أن الأرقام المُعلنة تظهر أن الموازنة تتضمن أعلى إنفاق تقديري، وأعلى دخل تقديري، وأعلى عجز معلن تاريخياً، لكن بحسب بيان وزارة المالية تم توضيح أن هناك إنفاقات لبرامج مختلفة، منها الأمنية والتعليمية وبرامج تنموية. وأضاف بو حليقة أن الموازنة تركّز على الاستثمار المتواصل على مدى سنوات الخطة الخمسية الشاملة، وتعد ضمانة بتحقيق استرتيجية التنمية الاقتصادية، التي ستؤدي إلى انخفاض اعتماد الاقتصاد السعودي على إيرادات النفط، مشيراً إلى أن الملاحظ في أداء الاقتصاد السعودي في عام 2009 هو التقلص الكبير، بسبب تراجع أسعار النفط عما كانت عليه في عام 2008، بعكس القطاعات غير النفطية، التي حققت نمواً بدرجات متفاوتة، ما أسهم في أن يحقق الناتج الإجمالي نمواً قدره 1.5 في المئة، مؤكداً أنه على رغم ضعف هذه النسبة، إلا أنها بكل تأكيد تعتبر إيجابية. وأشار إلى نمو بعض القطاعات بنسبة 2.2 في المئة، بينما انكمشت قطاعات أخرى، ومنها القطاع النفطي، لافتاً إلى أن الحكومة السعودية أخذت منحى استراتيجياً في زيادة الإنفاق الاستثماري، إذ كان هناك توجه حقيقي لتنمية هذا الإنفاق، ليصل إلى 260 بليون ريال، مقارنة ب 225 بليون ريال العام الماضي، مشيراً إلى أن هناك زيادات أخرى في مخصصات التعليم بلغت 25 في المئة من الإنفاق التقديري لعام 2010، وكذلك الإنفاق على الصحة بنسبة 11 في المائة للعام المقبل. وقال بو حليقة إن الإنفاق العام سعى للمواءمة بين أهداف عدة، من أبرزها رفع مستوى معيشة الفرد، والحفاظ على النمو الاقتصادي، بزيادة سعة الاقتصاد عبر الاستثمار في محركات التنمية، وسداد مستحقات الماضي من الدين، إضافة إلى محاولة تحييد تراجع إيرادات النفط في حال حدوثها عبر بناء احتياطي للدولة. وأكد أن الاقتصاد السعودي لم يتأثر بتداعيات الأزمة المالية العالمية، في الوقت الذي تأثرت كثير من اقتصادات دول العالم، مرجعاً ذلك إلى أن الحكومة السعودية تعاملت مبكراً بتوجيه استراتيجي على مستويين، الأول إبعاد مخاطر تداعيات الأزمة العالمية عن الاقتصاد السعودي، وكان ذلك بزيادة الإنفاق بشكل كبير من بداية العام الماضي، والثاني استراتيجية حفز الاقتصاد، وحققت نجاحات عدة كما لوحظ في بيانات عام 2009، ومن المتوقع زيادته بشكل أكبر في منتصف العام المقبل. من جهته، أكد عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالرحمن المشيقح، أن المملكة تتعامل بمنهجية استراتيجية أكثر في تقديراتها للموازنة، في ظل الأوضاع المتقلبة للأسواق العالمية، مشيراً إلى أن الحكومة تتعامل بدقة مع الموازنة العامة، وتميل إلى التحفظ في تقدير إيراداتها المستقبلية من خلال تحفظها في تحديد سعر برميل النفط المستخدم في بناء الموازنة، وهو أمر محمود خصوصاً في ظل الأوضاع غير المستقرة، والظروف الاستثنائية التي عصفت بالاقتصاد العالمي، مضيفاً: «ما يستوجب التنويه أن السعودية، وعلى رغم تحديدها النفقات العامة، إلا أنها لم تركن إلى الإيرادات النفطية بل سعت منذ بداية العام لاستغلال احتياطياتها المالية لحماية اقتصادها من تداعيات الأزمة العالمية. وأشار المشيقح إلى أن الموازنة توضح التوجه الجيد من الدولة في التركيز وزيادة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية، حيث تم تخصيص نحو 200 بليون ريال لقطاعي التعليم والصحة، وهو ما يمثل 40 في المئة من موازنة الدولة المعلنة، وهذا يدل على اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بالمواطن السعودي. وتطرق إلى حجم الإنفاق الحكومي، موضحاً أن الإنفاق الحكومي التوسعي استمر على رغم ظواهر الأزمة المالية ما يؤكد تصريحات المسؤولين المشددة على التوسع في اعتماد المشاريع الحيوية واستمرار مشاريع التنمية الضخمة التي لم تتوقف عجلتها على رغم الأزمة، مضيفاً أن الإنفاق الحكومي على مشاريع التنمية زاد بنسبة 23 في المئة عما كان مقرراً له بداية العام. وأضاف أن الإيرادات الأخرى للدولة من المتوقع أن تستمر في الزيادة خصوصاً مع زيادة الحركة على الموانئ والاستثمار الأجنبي ما يزيد من مدخولات الضرائب، في حين تؤثر زيادة النمو العام في زيادة مدخولات الحكومة من الرسوم، وقد يكون العامل المؤثر في العام المقبل إيجاباً على الإيرادات الحكومية الأخرى يرتكز في مشاريع التخصيص إن تمت. وهذا يقودنا إلى التأكيد أن الموازنة كانت موازية لهذا العام من حيث المصاريف، وستشهد رواجاً عالياً من حيث الإيرادات لعدة عوامل، ومن أهمها الاستقرار الذي يميل إلى الزيادة من حيث الأسعار والطلب على النفط. بدوره، أكد رئيس مجموعة أرك للدراسات والاستشارات الدكتور خالد الحارثي أن موازنة هذا العام تعزز نهج ومسيرة الملك عبدالله في نمو المملكة وجعلها من أوائل دول العالم. مشيراً إلى أن البنود التي تخص البنية التحتية لقطاعات الكهرباء والمياه وكذلك الخدمات البلدية وجهت باعتمادات صرف مناسبة تساعدها في إكمال واعتماد جميع المشاريع اللازمة ويأتي ذلك لتجنب حدوث كوارث كما حصل في مدينة جدة أخيراً. مشيراً إلى أن هذه الأساسيات التي تهم المواطن كان لها الأولوية في موازنة هذا العام. وأضاف أن رغبة الحكومة في إكمال مسيرة التنمية وكذلك إعطاء الصورة الايجابية عن اقتصاد المملكة على رغم الأزمات العديدة التي تحاصرها من الدول المجاورة والتي عصفت بدول كبيرة على مستوى العالم إلا أن المملكة تجاوزتها بهذه الموازنة. مشيراً إلى أن ذلك يدل على أن المملكة لديها سياسة مالية ونقدية متوازنة وذات نظرة بعيدة المدى.