دعا مختصون بالشأن العقاري وزارة الإسكان إلى وضع خطط قصيرة المدى ومتوسطة المدى لمواجهة التحديات التي اعترفت بها وتمضي قدماً في التعاطي معها لتجاوزها، وقالوا ل»الجزيرة»: الواقع يفرض حلول آنية وقصيرة المدى لمواجهة أزمة السكن وخصوصاً أن الوزارة ترى أن محدودية الوحدات السكنية المناسبة لشرائح المجتمع تتصدر تحدياتها، وقال المستثمر العقاري هشام بن عبدالعزيز الموسى إن الوزارة حصرت تحدياتها في 4 محاور وبالتالي يجب أن تركز على وضع إستراتيجية قصيرة المدى لمواجهة هذه التحديات منوهاً بتوجه الوزارة لتأسيس شركة تمويل تستهدف ضخ 50 مليار ريال خلال الخمس سنوات المقبلة، ورأى أن هذه الخطوة تمثّل أحد التحركات الديناميكية لمواجهة شح قنوات التمويل، وأضاف: هناك تحديات أخرى تواجه الوزارة بجانب التمويل منها محدودية الوحدات السكنية المناسبة، وعدم كفاءة القطاع العقاري، والاعتماد الكبير على التمويل الحكومي، فالدولة من جانبها مهتمة بقطاع الإسكان وتمنحه أولوية، وعلى الوزارة العمل على وضع خطط قصيرة المدى ومتوسطة المدى وطويلة المدى لمواجهة هذه التحديات فالطلب على المسكن يتنامى سنوياً في ظل تنامي وزيادة شريحة الشباب خصوصاً المقبلين على الزواج وهي الفئة الأكبر من بين فئات المجتمع السعودي. وحول الأثر المتوقع على سوق العقار بعد تنظيم عملية التقييم وإطلاق هيئة متخصصة في هذا المجال قال الموسى: في وقت سابق كانت تشير معظم الدراسات إلى أن من أكبر عوائق التقييم العقاري عدم وجود مرجعية مهنية لأعمال التقييم العقاري، وعدم وجود أنظمة وقوانين تنظم عملية التقييم وتمنع الأشخاص غير المؤهلين من ممارسة أعمال التقييم، وأن عمليات التقييم لا تمر على جهة رقابية تشرف على صحة ودقة هذه العمليات ومدى مطابقتها للطرق العلمية الصحيحة، ولكن الآن الوضع تغيّر بعد إطلاق هيئة متخصصة للتقييم نظراً للحاجة الملحة للارتقاء بمهنة التقييم في المملكة، والتي تعتبر من أهم عناصر حفظ مدخرات وأصول المال العام. ولا شك أن التقييم في المملكة يمثّل مهنة واعدة ستسهم في خلق العديد من الفرص الوظيفية المميزة، وحول اشتراط هيئة سوق المال بأن يكون المثمنين في لائحة الصناديق العقارية أعضاء في هيئة (تقييم) قال الموسى: هذا التوجه يمثّل جزء من مساعي الهيئة للنهوض بالسوق المالية، وخصوصاً برامج الاستثمار الجماعي وصناديق الاستثمار عبر تطبيق أفضل المعايير، حيث تحص الهيئة على رفع مستوى الشفافية والإفصاح وتوفير بيئة آمنة وجاذبة للاستثمار. وتكمن أهمية مهنة التقييم في حاجة معظم القطاعات مثل البنوك وشركات التأمين والشركات العقارية وأجهزة الدولة المعنية بنزع الملكيات على مساعدتها في اتخاذ القرارات الاقتصادية المهمة. من جانبه تطرق الخبير العقاري الدكتور عبدالله المغلوث إلى عوامل عدة أسهمت في ركود القطاع العقاري وتخوف المطورين، من أهمها الركود الاقتصادي العالمي وانخفاض أسعار النفط، إضافة إلى برامج وزارة الإسكان والتي ضغطت على السوق بشكل عام، وكذلك رسوم الأراضي التي أسهمت جميعها في وجود عرض كبير وانعدام في الطلب مع شح التمويل البنكي. ناهيك عن توقف الصندوق العقاري عن صرف الدفعات للمستحقين وتحويله إلى مؤسسة مالية بآليات جديدة. وأوضح إن نحو 30 % من الاستثمارات العقارية اتجهت إلى الاستثمار في العقارات التجارية التي تدر على المستثمر أموالاً، وخصوصاً أن هناك طلباً مرتفعاً على المحال التجارية في مختلف المناطق. وأشار المغلوث إلى أن هذا التوجه سيسهم خلال المرحلة المقبلة في تنشيط المنتجات العقارية الأخرى سواء السكني أو الأراضي بشكل عام، نظراً لارتباط منتجات القطاع مع بعضها بشكل عام، لافتاً إلى أن ضعف التمويل أثر بشكل كبير على المطورين الذين لم يجدوا ما يشجعهم على الاستثمار في القطاعات العقارية الأخرى. ولفت المغلوث إلى أن برامج ومشاريع «الإسكان» لن يكتمل نجاحها إلا بوجود شراكة حقيقية مع القطاع الخاص وتشجيعه بزيادة المشاركة من دعم وتمويل وتسهيلات وخصوصاً أن النمو السكاني في المملكة مرتفع ويزيد عن 5 %، وهناك حاجة إلى إيجاد أكثر من 200 ألف وحدة سكنية سنوياً حتى تقلّل من فجوة السكن، كما أن المتقدمين على برنامج الدعم السكني والقروض يفوق عدده ال600 ألف متقدم. إلى ذلك قال العقاري فهد بن عبدالرحمن العثمان إن وزارة الإسكان تعمل حالياً على تنفيذ 188 مشروع على مستوى جميع المناطق وهي تحركات تلبى تطلعات القيادة، وما يحسب لها أن ركزت على الاستفادة من الخبرات الدولية عبر التحالفات والشراكة مع مطورين عقاريين محليين ودوليين بما يحقق الهدف المنشود بتوفير المساكن، ودفع عجلة التنمية وتحقيق تطلعات القيادة في وقت وجيز. وتقوم الوزارة ببناء وحدات سكنية مستقلة أو شقق سكنية في عمائر متعددة الأدوار، وقد أخذت الوزارة ب7 معايير لتحديد احتياجات مناطق المملكة من الوحدات السكنية ومن ثم توزيع المشروعات حسب الحاجة. وحول مساهمة المستثمرين العقاريين في مشاريع الإسكان قال العثمان: هناك تفاعل كبير من المطورين للمشاركة في مشاريع الإسكان وقد مهدت الوزارة لهم الطريق من خلال اتفاقيات محفزة وهذا يشجعهم على ضخ مزيد من الاستثمار، ومن المتوقع أن تبلغ استثمارات التطوير العقاري خلال السنوات الخمس المقبلة نحو 1.5 تريليون وفقاً لإحصاءات رسمية، كما أن مشاريع الإسكان ستحرك حوالي100 صناعة في المملكة مما سينعش القطاعات كافة، حيث إن هناك اشتراطات لدى الوزارة بالاعتماد على الصناعة المحلية التي تتوافق مع المواصفات والمقاييس السعودية من أجل خلق بيئة سكنية مستدامة للمواطن. وتابع: تقع على الوزارة مسؤولية تنظيم وتيسير بيئة إسكانية متوازنة ومستدامة، وذلك من خلال استحداث وتطوير برامج لتحفيز القطاعين الخاص والعام من خلال التعاون والشراكة في التنظيم والتخطيط والرقابة لتيسير السكن لجميع فئات المجتمع بالسعر والجودة المناسبة. وانطلاقًا من رؤية2030، وسعيًا لمجتمع حيويّ تسعى الوزارة إلى رفع نسبة التملك وتوفير مسكن ملائم وفق مسارات التملك بحلول تمويلية وادخارية تتناسب مع احتياجات المواطن.