ليت العربي يتحول من أحمق إلى لئيم. المقصود بالعربي هنا صيغة الجمع بما يشمل كل من يحمل هوية دولة عربية ويحرص على المصلحة العامة بتنوعاتها الداخلية. الإنحطاط المشهود في المكون العربي حاليا ً لدرجة الانهيار شبه الشامل يعود على الأقل جزئيا ً إلى كون عرب هذا الزمان مجموعات من الحمقى تتلاعب بهم تكتلات من اللئام. واقع العصر الحديث يقول إن الأمة الأشد لؤماً في هذا الزمن هي التي تكسب الرهان وتزدهر. للأسف العربي بصيغة الجمع والمفرد ما زال غريزياً، يحب ويكره بدون تفكير، يغضب ثم يتصالح بسرعة، يثور ثم يهدأ بسرعة، أي أنه أحمق. انفجار العواطف ثم مسح الصفحة والكتابة من جديد صفات غريزية أقرب ما تكون للحياة الفطرية البدائية ولم تعد تصلح للعصر الحديث المحكوم بتكتل المصالح قبل الأخلاق. ما يصلح للحياة هو التكتل أولاً، أي تكوين لوبي بمصلحة محددة جامعة تعتمد على التخطيط واقتناص الفرص. هذا معناه جعل مصلحة التكتل المتصالح مع بعضه مقدمة على مصلحة التكتلات من خارجه. في ذلك تناقض واضح مع تعاليم ومواعظ التسامح ولكن واقع الحال في عصرنا هذا يقول إن اللئيم يعيش مرهوب الجانب والعاطفي يستباح، لأنه أحمق وغريزي وأناني يعيش خارج المصلحة الجامعة. من صفات الغريزي أنه يعيش كصياد منفرد مثل النمر والذئب والضبع، ليس له قوة التجمع والتكتل والعمل بمصلحة الفريق. الإنسان وكذلك المجتمعات بهذه المواصفات يسهل اضطهادها وسلب حقوقها، حتى وإن كان أفرادها فائقو الذكاء وبمنتهى الشجاعة على مستوى الأفراد. انظر إلى العرب في أمريكا وكل ديار المهجر بمجموعهم الكلي مسلمين ومسيحيين ، بلغتهم الواحدة ، ثم قارنهم بالهنود وبالإيرانيين وباليهود في نفس المكان. ليس للعرب الأمريكيين تكتل مصالح جامع، وليس لهم مؤسسة إعلامية موحدة الصوت والأهداف، وليس لهم رأس مال يتكامل مع بعضه. بعض العرب الأمريكيين يعمل لصالح اليهود، وبعضهم لصالح الإيرانيين وبعضهم لصالح البقالة المتواضعة التي يكد منها على أولاده. يوجد في أمريكا عشرات الألوف من المتخصصين العرب في كل العلوم الحديثة، ولكن ليس لهم صيت علمي مثل ما للهنود واليهود والإيرانيين. ما أن تجمع الصدفة عرباً أمريكيين في مناسبة احتفالية إلا ويأخذون بعضهم بالأحضان ويمعنون في بعضهم تقبيلا ً وشمشمة، وبعد نصف ساعة من اللقاء يبدأ الصراخ والسب والشتم والتخاصم على خلافات الشرق الأوسط الذي فروا منه، وتنتهي المناسبة بلعن السنسفيل والعقائد والمذاهب والديار التي خلفتهم. كذلك الملايين العربية في البلدان القطرية تعيش بنفس الطريقة ، حمقى انفعاليون متقلبو العواطف، لا يثقون ببعضهم ولا يثق بهم أحد، يتقاسمهم اللئام من تكتلات الأمم الأخرى ويستأجرونهم ضد بعضهم. اللهم ارزق العرب تكتلاً مصلحياً وهبهم لؤماً عصرياً ضد الآخرين.