قضاة المحاكم النزيهة، حينما ينظرون في مسألة فيها خلاف بين طرفين، لا ينظروا في حسن بيان أو قوة كلمات أو سلامة لغة أي من طرفي الادعاء أو الدفاع، ولا لمكانه أي من الطرفين الاجتماعية أو المالية في القضاء المحلي، أو قوة وهيمنة أي من الأطراف الخارجية.. إنما يأخذون بالأدلة القطعية، أو الاستدلال بالقرائن التي ترجح ثبوت أو نفى الواقعة. بينما المصلحون الذين يسعون للتوفيق بين طرفين، فهم الذين يطفئون شرارة الفتنة بتلطيف الموقف مؤقتًا، بوضع الاعتبارات الاجتماعية وما ينتج من تطور النزاع من تأثير على المكانة الاجتماعية لكل أو لأحد الطرفين. دون مراعاة لأسباب الخلاف ومعالجة إنهائه بتعديل الموازين بين الطرفين بتحميل المخطئ كفارة خطأه. «دمدمة» (الموضوع لا أحد يدري) دون الأخذ بنتائج ما قد يؤول عن هذه «الدمدمة» في المستقبل. كذلك هي خطة إسماعيل ولد الشيخ التي تبين من تصريح وزير الخارجية الأمريكية بعد زيارته لسلطنة عمان الأخيرة ولقائه السري بمندوب الحوثي، أنها خطة استلت بحذافيرها من أفكار السيد كيري. وهي خطة مصلح يريد دمدمة الأمور وقتيًا. وليكن فيما بعد ما يكون. خطة نسفت كل ما عمل عليه اليمنيون أعوامًا ممثلاً بمخرجات الحوار الوطني الذي تطور حتى كتبت مسودة الدستور، وعملت عليه دول الخليج العربي بجهد صادق مخلص ممثلاً بالمبادرة الخليجية، والقرارات الدولية التي يمكن أن يقال: كل الصيد في جوف الفرا. بحق القرار 2216 الذي احتوى كل مضمونات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وما سيؤول عن تنفيذه في نهاية المطاف. القرار 2216 قاضٍ نزيه حكم بالأدلة قاطعة الثبوت، متحوطًا لمستقبل تنفيذه على الواقع بتحديد بما يحول دون تكرار ما حدث قبله. بينما خريطة الطريق «الكيرية» التي تبناها بن الشيخ - فذهب مغاضبًا - بعد رفض الشرعية لها. ما هي إلا محاولة مصلح يريد تأسيس مجد خاص به بتبني أفكار غيره بنسف مبادرته الشخصية التي بلورها بعد فشل مؤتمر الكويت التي أوجز بها في حينه أمام مجلس الأمن، وقبلتها الحكومة الشرعية ورفضها الانقلابيون. وكأن إسماعيل بن الشيخ يكرر منهج وأداء سلفة بن عمر الذي لو لم يعزل لرفع لافتة بيده اليسري صرخة الحوثية. التي تلعن أمريكا وفي نفس الوقت تلعق أخذيتهم في مسقط. هذه الخريطة لو قبلت ستؤسس لشرذمة اليمن، باقتتال يتوارث فيه الأبناء الدم عن الآباء. لا يمكن تصور قبول اليمنيين لشريحة قتلت أبناءهم وآباءهم وأفالهم وهدمت بيوتهم وهجرتهم، وابتزت أموالهم وتمكن لتجلس مجلس القيادة جنبًا إلى جنب مع قياداتهم وزعمائهم الشرفاء. وفي رقابهم دم غزير لا يندمل جرحه إلا بغسله قبول الخريطة الأخيرة قبول لاحتراب داخلي يطول الأجيال المقبلة.. حيث موقد النار جاهز ومستعد من الآن - إيران- والخطب الشعب اليمني.. تمسكوا بالشرعية ورفض كل تشريع قد يستصدر ليلتهم مرتكزاتها الشرعية التمسك بالشرعية ضمانة استقرار مستقبل اليمن...