للوهلة الأولى قد يبدو طرح معاناة شاب وفتاة في «المواعدة» داخل مجتمع قضية ثانوية في عام 2016، لكن الفيلم السعودي (بركة يقابل بركة) يتخذ من هذه الفكرة نقطة انطلاق للحديث بشكل واسع وشامل عن الحريات في مجتمع يتطلع كثير من أبنائه اليوم للتغيير. يتناول الفيلم قصة الشاب بركة عرابي (هشام فقيه) الذي يعمل موظفًا في البلدية، ويهوى أيضًا التمثيل، ويقع في غرام الفتاة بركة الحارث (فاطمة البنوي) صاحبة الشعبية الكبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال تسجيلات فيديو لا تظهر سوى نصف وجهها بسبب العادات الاجتماعية. ومن خلال قصة الحب ينطلق المخرج السعودي محمود صباغ في استعراض متناقضات المجتمع، سواء على مستوى الطبقات الاقتصادية - وهي نظرة جديدة سينمائيًّا للمجتمع السعودي - أو على المستوى الاجتماعي بين جيل الأبناء وجيلَيْ الآباء والأجداد. وفي أكثر من موقف، وبوسائل توضيحية بسيطة، لكنها عميقة، مثل الصور الفوتوغرافية، واستعادة بعض اللقطات الأرشيفية، يعقد الفيلم مقارنات على المستوى المحلي داخل السعودية بين السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وكيف كان يبدو المجتمع أكثر انفتاحًا وقبولاً للآخر، وما طرأ على المجتمع من تغيرات في الحِقب التالية. وقال صباغ في ندوة، عُقدت عقب عرض الفيلم الليلة قبل الماضية في الدورة الثامنة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ضمن برنامج آفاق السينما العربية: «إيماني الشخصي أن أفضل شيء هو مقارنة السعودية بنفسها». مضيفًا بأن الفيلم استغرق تصويره 25 يومًا، تخللتها ثلاثة أيام راحة، وسبق ذلك تحضير لمدة عام كامل. وأضاف «صورت هذا الفيلم بتصريح مسلسل؛ فقد طلبت من وزارة الإعلام تصريحًا للتصوير فأعطوني تصريح تصوير مسلسل تلفزيوني؛ لأن مفهوم تصوير فيلم سينمائي لم يعمم بعد». ورغم ما يعرضه صناع الفيلم من صعوبات، رشحت السعودية رسميًّا فيلم (بركة يقابل بركة) لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي. وقد قبل الفيلم ضمن القائمة الأولية التي ضمت أكثر من 80 فيلمًا. وقال صباغ: «أنا لا يعنيني الأوسكار. ما يعنيني أكثر أن أقدم قصة أنا مؤمن بها، وتصل للناس. جائزتي الأكبر لم تكن المشاركة في مهرجان برلين ولا تورونتو ولا القاهرة، جائزتي كانت أن يعرض الفيلم في السعودية». وأضاف «إذا لم يعرض هذا الفيلم في السعودية فالفيلم القادم سيعرض في السعودية». ويتنافس الفيلم مع سبعة أفلام أخرى من سوريا وتونس والمغرب والجزائر والكويت والأردن ومصر للفوز بإحدى ثلاث جوائز يقدمها برنامج (آفاق السينما العربية) في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي يسدل الستار عليه يوم الخميس القادم.